مصر ومعركة أول دستور فى الصومال الايطالى
مصر ومعركة أول دستور فى الصومال الايطالى
يبدو أن الظرف التاريخى الذى وضع مصر فى عضوية المجلس الاستشاري الذى عينته الأمم المتحدة سنة 1950 ليباشر تقدم الصوماليين السياسي، لم يكن هو السبب الوحيد الذى جعلها تشترك فى صياغة أول دستور يرسخ لاستقلال الصومال ويحفظه. بل كان الصوماليون انفسهم يطلبون من الايطاليين الاستعانة بالخبرة المصرية التى تتفهم طبيعة المجتمع الصومالى وطموحاته خلال الفترة الانتقالية. فبحكم أن مصر كانت اول بلد عربى وافريقى يعرف طبيعة الدساتير وكتابتها، راح الصوماليون يطلبون خبرتهم فى تلك المسألة، رعاية لطموحاتهم واحلامهم المستقبلية. وفى هذا الاطار طلب الحاكم الادارى الايطالى من العضو المصرى فى المجلس الاستشارى أن يرشح له استاذين مصريين يشتركان فى لجنة الخبراء الفنيين لصياغة هذا الدستور. ولعل الجهد الذى بذله الخبير المصرى فى هذه اللجنة، وتواصله مع الادارة المصرية حول البنود التى طالب الايطاليون بإدخالها ضمن مواد الدستور، يلخص هذا الجهد الكبير ويفسر نتائجه.
على أية حال، قدم لنا الأرشيف المصرى مادة مهمة فى تلك المعركة، رصدت لنا الدور الذى لعبته مصر فى صياغة أول دستور فى تاريخ الصومال الحديث والمعاصر. ترى ما الذى أدخل الإدارة المصرية فى تلك المعركة؟ ولماذا طلبت اللجنة الفنية المشكلة لكتابة الدستور الصومالى دساتير دول عربية وأوروبية؟ وما هو الجهد الذى قام به الدكتور عبدالفتاح ساير داير فى هذا الأمر؟ وما هى الصعوبات التى واجهت الادارة المصرية عند صياغة هذا الدستور؟ وهل كانت ايطاليا تريد الاحتفاظ بسلطتها فى شئون الخارجية والدفاع فى هذا الدستور؟ أم أن الإدارة المصرية قطعت تفكيرها تماما عما تريد؟ وللاجابة عن هذا الاسئلة نقسم الموضوع إلى أربعة محاور رئيسية:
أولها، إجراءات الأمم المتحدة فى الصومال ومتطلباتها فى فترة الوصاية.
ثانيها، طلب متخصصين مصريين فى صياغة الدساتير.
ثالثها، موقف العضو المصرى فى اللجنة الفنية لصياغة الدستور.
رابعها، تفاعل الإدارة المصرية مع الايطاليين والصوماليين حول الدستور المقترح.
د. أحمد عبد الدايم محمد حسين
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر
معهد البحوث والدراسات الافريقية -جامعة القاهرة