سياد برى والصراع على السلطة في الصومال

محمد سياد برى:

ولد محمد سياد برى عام 1919 م وتوفى عام 1995م وهو الرئيس الثالث لجمهوريه الصومال .

استيلاء سياد برى على السلطة:

عقب اغتيال الرئيس الثانى للصومال عبد الرشيد على شارماركى قام الجيش الصومالى بانقلاب عسكرى عام 1969 م واستولى على السلطة وكان على رأس المجلس الثورى اللواء سياد برى، وقام المجلس الثورى بتغيير اسم البلاد إلى جمهورية الصومال الديمقراطية.

وبعد تولى سياد برى السلطة جعل اللغة الصومالية لغة رسمية للتعليم واختار الحروف الهجائية اللاتينية لها وفى عام 1972 م اصبحت اللغة الصومالية هى اللغة الرسمية فى الصومال.

سياد برى والصراع على السلطة في الصومال
سياد برى والصراع على السلطة في الصومال

الاستئثار بالسلطة:

عانت الدولة الصومالية من أحد الأنظمة الديكتاتورية التى أدارها الفرد الواحد وتسبب ذلك فى تنامى دوافع الحرب الصومالية بكل تداعياتها الراهنة.

أكد محمد سياد برى منذ توليه السلطة عام 1969 م على استئثاره بالسلطة واحتفاظه بكل الاختصاصات المهمة لشخصه فقد قام عام 1976 م.  بحل المجلس الثورى ونقل سلطته إلى الحزب الاشتراكى الثورى الصومالى وكون حكومة الحزب الواحد كما أنه جعل اقاربه يشغلون المناصب المهمة فى الدولة غير عابئ بضرورة مشاركة جميع أفراد الشعب الصومالى فى الحياة السياسية و السلطة ومثالا على ذلك أحمد سليمان عبد الله (زوج ابنته) الذى تولى منصب رئيس جهاز الأمن القومى وغير ذلك وهو الأمر الذى أدى إلى معاناة النظام الحاكم من أزمة الشرعية السياسية ومن ثم الثورة عليه.

وكان من نتيجة حكم الفرد الذى مارسه سياد برى واسئثاره بالسلطة ومواجهته للقيم الديمقراطية داخل الصومال أن ظهرت العديد من الانتكاسات فى واقع الحياة السياسية الصومالية فقد تراجعت المشاركة الشعبية فى العملية السياسية وتنامت آليات السيطرة فى الحكومة المركزية وتفشى الفساد فى المؤسسات السياسية مما أدى إلى تنامى الصراعات تجاه النظام الحاكم،  وهو ما كان يعنى تراجع سيطرة نظام حكم سياد برى على جميع أقاليم الدولة .

إن النظام الديكتاتورى الذى مارسه سياد برى أدى إلى حدوث فجوة كبيرة بينه وبين الصوماليين الأمر الذى أدى إلى نشوء الحركات السياسية السرية والفصائل العسكرية المعارضة التى رأت أن  القوة  هى الحل لإعادة التوازن داخل الصومال .

حرب أوغادين:

فى عام 1977 م اندلعت حرب أوغادين التى دارت بين الصومال و إثيوبيا بسبب النزاع على تبعية إقليم أوغادين الذي تقطنه أغلبية صومالية وانتصرت الصومال فى البداية وتمكنت من السيطرة على معظم أراضى الأقليم، لكن تدخل الاتحاد السوفيتى ودعمه العسكرى لإثيوبيا أجبر الجيش الصومالى على الانسحاب وخسرت الصومال جميع الأراضى التى سيطرت عليها من إقليم أوغادين.

سقوط نظام حكم سياد برى:

وفى عام 1980م تم حل الحزب الحاكم وأعيد تشكيل المجلس الثورى الأعلى  وبمرور الوقت بدأت سلطة المجلس الثورى الأعلى تضعف وازداد استبداد الحكومة مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية فى الصومال عام 1991 م  وسقوط نظام برى وتفكك الجيش الوطنى الصومالى.

وبعد أن فر برى من مقديشو عام 1991 م ذهب إلى منطقة غيدو”مسقط رأسه” فى جنوب غرب الصومال، ومن هناك أطلق حملة عسكرية للعودة إلى السلطة فحاول السيطرة على العاصمة مقديشو فلم يتمكن من ذلك واستطاع بعد ذلك الفرار إلى نيروبى ومنها إلى نيجيريا .

الصراع على السلطة بعد سقوط سياد برى:

وبعد سقوط نظام حكم سياد برى ساءت الأحوال السياسية فى الصومال فقد استمرت الروح القبلية تطغى على توجهات الجبهات العسكرية المختلفة وتحول هدفها من معارضة الديكتاتورية ورفض القهر السياسى الذى مارسه سياد برى ونظامه الحاكم إلى تنافس قبلى و صراع للاستيلاء على السلطة وتصاعدت تبعا لذلك أعمال العنف مما أدى إلى وقوع حرب أهلية دموية .

وعندما تولى السلطة فى تلك المرحلة المؤتمر الصومالى الموحّد USC  فإنه سرعان ما انقسم إلى جناحين أحدهما موالٍ لعلى مهدى الرئيس الذي جاء بعد سياد بري مباشرة والآخر موالٍ للجنرال محمد عيديد الذي حارب الأخير في العاصمة الصومالية.

ثم تتابعت التغيرات على الجبهات المتحاربة حيث انفصلت الحركة القومية الصومالية بالشمال SNM و أقامت جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) عام 1991 م.

الدور المصرى خلال الحرب الأهلية:

خلال الحرب الأهلية لم ينس المصريون إخوانهم فى الصومال ووقفوا إلى جانبهم وبذلت مصر جهدا كبيرا لمنع اندلاع الحرب الأهلية وشهدت القاهرة والسفارة المصرية فى مقديشو لقاءات واجتماعات بين المسؤلين فى نظام محمد سياد برى والجبهات المعارضة لمنع اندلاع الحرب الأهلية وإنهاء الصراع السياسى بين الحكومة والمعارضة بالطرق السلمية ومثال على ذلك المبادرة المصرية الايطالية عام 1989 م لكن لم تكلل تلك الجهود بالنجاح ودخل الصومال فى حرب أهلية راح ضحيته الآلاف من المواطنين الأبرياء.

وبعد اندلاع الحرب الأهلية فى الصومال لم تتوقف جهود مصر لإنهاء الحرب وحماية وحدة تراب الصومال، حيث رفضت مصر تقسيم الصومال والاعتراف بانفصال إقليم الشمال .

كما نظمت مصر عددًا من المؤتمرات لإنهاء الصراع الداخلى فى مقديشو وإحلال السلام فى الصومال ومن بين تلك المؤتمرات مؤتمر المصالحة فى القاهرة عام 1997 م .

الباحثة: نغم عبد الهادى راغب عبد الهادى- دبلومة الدراسات العليا

قسم اللغات الإفريقية- كلية الدراسات الافريقية العليا

جامعة القاهرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد