لدى شباب جامعة الخرطوم
تعتبر اللغة أحد أهم عناصر الثقافة التي تناولها علماء الانثروبولوجيا باهتمام شديد باعتبارها أداة هامة للتواصل والاتصال والتفاعل بين البشر والتعبير عن الانفعالات والتصورات والاهتمامات وتبادل الآراء والأفكار، وبها يستطيع الإنسان أن يرسم صورة ذهنية عن العالم المحيط به وتفسير ما يدور في ذهنه وفكره مترجماً الرموز الكلامية إلى ألفاظ منطوقة تعبر عما يفكر فيه أو ما يدور بداخله.
مع ظهور الانترنت كوسيلة إعلامية اتصالية حديثة ظهر معها كثير من الآراء والاعتراضات والمخاوف على الثقافة اللغوية المستحدثة لشباب الجيل الحالي، والمليئة بالألفاظ الغريبة والمشفرة أحيانا، والتي تزود الثقافة العامة لديهم بمفردات وألفاظ ورموز بل وأصوات يتم تبادلها عبر الانترنت، معبرين عنها بلغتهم الخاصة التي لا يكاد يفهمها غيرهم، لخلق “حماية” ذاتية لهم ولرؤيتهم للعالم كما يريدون مما يجعلهم يؤسسون مملكتهم الخاصة ويتعاملون بثقافتهم ولغتهم وقيمهم ومعاييرهم ، وقد يرجع بعض خبراء الاجتماع ذلك إلى أن ابتعاد الشباب عن عالم الكبار وعدم انسجامهم معه مما أوقعه في فجوة كبرى من انعدام الانتماء.
وعندمانتأمل مجتمع الشباب الجامعي السوداني من هذه الزاوية نتأكد أنه رغم التقدم المادي الظاهري،ورغم القشرة المتحضرة التي تخدع الكثيرين،مازال مجتمعاً تقليدياًبالمعنى الحقيقي، يحفل بالكلام،ويتوسل باللغة نشاطاً رئيسياً فيجمع المعلومات،والترويح عن النفس،وقضاء وقت الفراغ، وهو ماأسهم في ظهور وتبلورثقافةخاصة لهم،كان من أهم عناصرها لغةالشباب المستحدثة والتي يطلق عليها أحيانا لغة الثقافة الالكترونية.
لذلك نحاول في هذا البحث دراسة وﻣﻌﺮﻓﺔ تأثير استخدام الانترنت في إحداث تغيراً ثقافياً في اللغة الثقافية المستحدثة لدى شباب جامعة الخرطوم من خلال دراسة ميدانية؛ ومعرفة مدى العلاقة والاختلاف بين المتغيرات الديموغرافية لهؤلاء الشباب من حيث النوع والتخصص الأكاديمي، وبين ما تحقق لديهم من اشباعات وتأثيرات نتيجة هذا الاستخدام محاولة الفهم العميق لعملية الاتصال والتفاعل الإنساني ذاتها لفترة زمنية محددة نسبيا.
وتجمع هذه الدراسة بين المنهج الكيفي والكمي وذلك باستخدام المنهج الانثروبولوجي (الوصفي التحليلي) مستعينة بدليل العمل الميداني واستمارة الاستبيان والإحصاء باستخدام برنامج (spss) في تحليل المادة العلمية الكمية ومنهج التحليل التكاملي في تحليل المادة العلمية الكيفية. لربط متغيرات الدراسة ببعضها البعض مع الاعتماد على افتراضات نظريتي الاتصال والتفاعل الحديثة وهما نظرية التفاعل الرمزي ونموذج الاستخدام والإشباع.
وتناول البحث تحليل وتفسير إجابات المبحوثين على التساؤلات التي تتناول أثر استخدام الانترنت على إحداث تغيرا ثقافيا في ثقافاتهم اللغوية المستحدثة ، فقد تلاحظ من لقاءات كثير من المبحوثين والإخباريين والمسئولين بالجامعة أن الشباب الجامعي يستخدمون كلمات وعبارات مختصرة وغريبة للاتصال ببعضهم البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها ما هو عربي ومفهوم بعض الشيء ومنها ما هو انجليزي وفي بعض الأحيان تظهر كلمات تجمع بين اللغتين مما أنتج ثقافة فرعية ذات نطق وكتابة بأسلوب خاص ومعروفة ومتداولة بين شبابنا العربي تحمل كثير من الغموض والاختصارات، قد يرجع ذلك نتيجة تفاعلهم ودخولهم في حوارات ومناقشات على المستوى القومي والعربي والعالمي والتي لم تكن متاحة بين الأجيال السابقة.
وسوف يتضمن البحث:
مقدمة
أولا- بعض صور من لغة الحياة اليومية بالمجتمع السوداني عامة
ثانيا– اللغة الشبابية وأسباب ظهورها وتطورها (انتشارها) بين شباب الجامعات
ثالثا- بعض التفسيرات لنتائج البحث الميداني
رابعا- التوصيات