“كينيا- زنجبار- جُزر القُمر نموذجًا”
لاشك أن المستعمر الأوروبي قد استغل الأوضاع العرقية والثقافية التي تُميز القارة السمراء بشكلٍ كبير من أجل بث روح الفرقة والضغينة بين السكان الأصليين بعضهم البعض، فقد قام باستغلال تلك العوامل لصالحه مُستعينًا في ذلك بالموروثات اللغوية والثقافية الإفريقية المتنوعة. فقد دأب المستعمر في بداية الأمر على الوقيعة الثقافية والتاريخية بين اللغة العربية الوافدة إلى مناطق الشرق الإفريقي واللغات المحلية، بل والوقيعة بين اللغة البانتوية التي تحدث بها الأفارقة بعد أن انصهروا مع لغات أخرى وافدة من خارج القارة.
ستركز هذه الدراسة على دور المستعمر الأوروبي في خلق حاجز من الكراهية المُتعمدة تجاه المهاجرين الجدد إلى القارة الإفريقية خاصة العرب، خاصةً بعد أن أعلن العرب والمسلمين ضرورة الانتباه إلى هذا المستعمر الدخيل وأغراضه الدنيئة. وكذلك ستركز هذه الورقة على دور بريطانيا خصيصًا في الصراعات العرقية والثقافية في كلٍ من كينيا وزنجبار منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، وكذلك الدور الذي لعبته فرنسا في التأثير على بعض مناطق جُزر القُمر حتى تنفصل عن بقية تلك الجُزر، وذلك عن طريق فرض اللغة والثقافة الفرنسية.
وتهدف هذه الورقة أيضًا إلى إلقاء الضوء على التركيبة الاجتماعية والعرقية للجماعات الإفريقية التي تعيش في مناطق ساحل شرق إفريقيا وخاصةً كينيا وزنجبار وجزر القمر، فقد كان لهذه التركيبة دورًا كبيرًا ساعد المستعمر في تحقيق أغراضه بعد أن رفع شعار أنه جاء إلى هذه القارة من أجل إنقاذ الأفارقة من براثن الجهل والمرض والقضاء على تجارة الرقيق التي تتعارض مع حقوق الإنسان. ولكن كان مجئ هذا المستعمر إلى تلك الدول جالبًا أساسيًا للويل والمعاناة التي تكشفت بعد ذلك، وهذا بشهادة عددًا من المتخصصين المحايديين والموضوعيين.
د. جمال توفيق أبو العلا[1]
[1] عضو اتحاد الكُتّاب المصريين