قضية الهوية في إفريقيا في ظل سياسة التغريب والعولمة
Daruur
موضوع هذا البحث يتناول إشكالية الهوية التي نشأت عن أزمة في العلاقة بين الذات الوطنية الإفريقية من ناحية والآخر الأوروبي من ناحية أخرى، وموقف النخب المثقفة والحاكمة من هذه القضية.
تحظى قضية الهوية الوطنية بأهمية بالغة في سلم الأولويات التي سادت الساحه الإفريقية منذ نشأه النهضة الإفريقية الحديثة وحتى الآن، بل يمكن القول أن التاريخ الثقافي الحديث لم يحدث في تاريخ إفريقيا كله، أن طرأ على القارة تغيرات وبالسرعة التي تمت بها، قدر ما طرأ عليها أثناء الفترة الواقعه بين عام 1880/1900 م التي شهدت إحتلال القارة بأسرها تقريباً على أيدي الدول الإستعمارية.
قبل هذا التاريخ كان قرابة ثمانين في المائة من إفريقيا لا يزال يحكمة ملوكها ورؤساء قبائلها في إطار إمبراطوريات وممالك ومجتمعات ووحدات سياسية مختلفة، ثم تمكنت أوروربا من قهر الإفريقيين، وانهزم الأفارقة جميعاً واستسلموا واحداً وراء الآخر، وبعد مؤتمر “بروكسل” تطور نشاط البرتغال منذ سنة 1876م، ثم بدأت النزعة التوسعية لدى فرنسا وبريطانيا، وبعقد مؤتمر برلين 84 و 85 تسارع السباق إلى الاستعمار وما كاد عام 1935م يحل حتى كان الاستعمار قد شد إلية إفريقيا بقبضة فولاذية استمرت إلى عهد قريب، وخلف الاستعمار تركة ثقيلة بالقارة يمكن إجمالها فيما يلي:
امتدت ذراع الاستعمار إلى إفريقيا بالسلب والنهب بشكل ليس له نظير في تاريخ البشرية، مما أدى إلى فقر عام في القارة، وما تزال تعاني من آثارة حتى اليوم.
شهدت العقود الثلاثة الأولى من الحقبة الاستعمارية نوعاً من عدم الاستقرار والعنف والاضطراب والتخريب وسفك الدماء، مما أدى إلى مشكلات خطيرة مازالت آثارها قائمة حتى الآن.
استخدم الاستعمار إجراءات وتدابير جائرة، وعمد إلى إذلال السكان وممارسة القهر والمهانة بكل أشكالها.
عمد الاستعمار إى إضعاف نظم الحكم المحلية التي كانت قائمة، واستخدم بعض العملاء من الحكام المحليين لتنفيذ اعمال السخرة وجمع الضرائب والحشد الإجباري في جيوش الاستعمار.
حرم الاستعمار إفريقيا من سيادتها وحقوقها في التعامل مباشرة مع سائر الأمم والقارات، ونجح بذلك في عزل القارة، وحرمان أهلها من الحرية واكتساب الخبرة وتطوير حضارتها.
كان أثر الاستعمار في المجال الاقتصادي يضاهي أثرة في المجال السياسي من حيث اتساعة، ولم يحل عام 1935م حتى كان إقتصاد إفريقيا مرتبطاً بعرى لا تنفصم بالاقتصاد الغربي الرأسمالي للدول المستعمرة بوجة خاص، ثم العمال المستمر لتوثيق عرى هذا الارتباط وتعميقة حتى بعد الاستقلال، حيث فرض الاستعمار على الإفريقيين محاصيل معينة، واستولى على كثير من أراضيهم، واضطر بعضهم إلى الهجرة من مواطنهم، مما ترتب عليه تفكك الأسر، واختلال نسق الحياة الإفريقي، وارتفاع معدلات الوفاة، وشيوع البطالة وغير ذلك.