إن من أهم ما جاء من المجاز في القرن الأول الهجري أساليب الرسول عليه صلوات الله وسلامه، لأنه لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعا ولا أقصد لفظا ولا أعدل وزنا ولا أجمل مذهبا ولا أكرم مطلبا ولا أحسن موقعا ولا أسهل مخرجا ولا أفصح معنى ولا أبين في فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم.[1] فقد بلغ المدى في وضع الألفاظ واشتقاقها والتفنن في المذاهب الكلامية، فكم من ألفاظ وردت منه صلى الله عليه وسلم، ولم تسمع من العرب قبله، قال محمد بن سلّام: قال يونس بن حبيب: “ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم”.[2] قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ” ما سمعت كلمة غريبة من العرب -يريد التركيب البياني-إلا وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعته يقول: “مات حتف أنفه” وما سمعتها من عربي قبله”. ومثل ذلك قوله في الحرب: “الآن حمي الوطيس”، وقوله: “بعثت في نفس الساعة” إلى كثير من ذلك سنقول فيه بعد. وهذا ضرب عزيز من الكلام يحتذيه البلغاء ويطبعون على قالبه؛ وكلما كثر في اللغة لانت أعطافه، واستبصرت طرق الصنعة إليه،وما من بل
يغ أحدث في العربية منه ما أحدثه النبي صلى الله عليه وسلم”[3] وكيف لا وهو أفصح من نطق بالضاد
يهدف هذا البحث إلى دراسة بعض التعابير النبوية لبيان ما تنطوي عليه من قيم إنسانية؛ لها دورها في تعزيز العلاقات الاجتماعية، والسياسية والديبلوماسية بين الشعوب، وذلك لما دعي إليه الرسول من المساواة بين بي البشر، وما وجه إليه المجتمع الإنساني من قيم وعادات رفيعة.
[1]انظر الجاحظ، عمرو بن بحر. البيان والتبيين، دار الهلال بيروت،1423هـ، ج2، ص13.