تحاول كافة دول العالم استغلال كافة مؤسساتها وأدواتها في تنفيذ وتعظيم أهداف سياستها الخارجية، وتعد الأدوات والمؤسسات الدينية من الآليات التى تستخدم لتحقيق مثل تلك الغايات، بخاصة عند التعامل مع المجتمعات الأفريقية التى لا تزال الغيبيات والمقدسات الدينية تحظى بمكانة في الإدراك الشعبي العام لجماعاتها، ولا يزال الدين أحد المداخل الرئيسية لتحسين العلاقة بدولها، ولا يزال الغرب يستخدم مثل تلك الأدوات، كما كان يستخدمها وقت الاستعمار، وبات من المهم دراسة سبل استخدام هذه الأدوات في تحقيق أهداف السياسية الخارجية، وخدمة المصالح الرئيسية للدول المصرية.
فلا تزال تحظى الكنيسة القبطية الارثوذكسية المصرية بمكانة وانتشار في عدد من الدول الأفريقية التاريخية، إضافة إلى دورها وتأثيرها التاريخي، وطبيعة الإدراك العام الأفريقي لها ولطبيعتها، وهي من العوامل والمحددات التى تجعل لدورها تأثير وفاعلية، وخاصة في الفترة الأخيرة، حيث باتت الكنيسة تمتلك العديد من المؤسسات، والهيئات، وسبل التواصل مع الكثير من الدول والجماعات الأفريقية، في اقاليم مختلفة ومتنوعة في القارة، ومع ما تواجهه السياسة الخارجية من تحديات في علاقتها مع دول القارة السمراء، أصبح من الضروري التفكير في سبل الاستفادة من تواجد ودور الكنيسة القبطية المصرية في دول القارة الأفريقية بشكل يخدم الأهداف والغايات التى تسعى لها السياسة الخارجية المصرية.
لذا بات من الضروري عرض تاريخ وطبيعة دور الكنيسة القبطية (المصرية) عبر مراحل تاريخية في القارة الأفريقية، ثم محاولة تحليل طبيعة دورها الحالى، وتحديد أهداف وغايات السياسة الخارجية المصرية في القارة الأفريقية، وصولاً إلى تحليل وتحديد الابعاد التى يمكن أن تخدم فيها الكنيسة القبطية تلك السياسة المصرية، وعرض أيضاً التحديات التى تواجه مثل هذا الدور، وتقديم توصيات لتفعيل وتعظيم مثل تلك الاستفادة. وهو ما يمكن أن يتم في المحاور التالية:
أولاً: تاريخ دور الكنيسة القبطية في القارة الافريقية.
ثانياً: محددات دور الكنيسة القبطية المصرية في أفريقيا.
ثالثاً: الكنيسة القبطية والسياسة الخارجية المصرية في أفريقيا.
رابعاً: معوقات دور الكنيسة القبطية المصرية في أفريقيا.
خامساً: السيناريوهات المستقبلية لدور الكنيسة المصرية في أفريقيا.