Site icon Daruur درور

القرصنة البحرية في الصومال والممارسات المتعلقة بها

القرصنة البحرية في الصومال والممارسات المتعلقة بها

تأسيساً على ما سبق سيقوم الباحث في هذا المبحث بإثارة مجموعة من التساؤلات ومحولة الإجابة عنها،وهي: ما الأسباب الحقيقية لظاهرة القرصنة في الساحل الصومالي؟ وما هو نطاق خطورتها؟ومن أطرافها؟وما وسائل عملها؟ لذا سنتناول في هذا المبحث بالتفصيل أسبابها الحقيقية وأطرافها ووسائل عملها.

أًولاً: الأسباب الحقيقية للقرصنة في الصومال:

لقد مر الصومال عبر العصور المختلفة بشبكة من الموجات الديمُغرافية ،كنتيجة لعدم الاستقرار وبالتالي ظهرت التنوعات العرقية والثقافات المتعددة والحضارات المختلفة نتيجة لهذا الموقع والمساحة الكبيرة ،والأرض الشاسعة ،كل ذلك أوجد هويات مختلفة بل وحضارات متنوعة ، ولم تكتمل عملية الاندماج الديموغرافي أسوة بدول أخري مجاورة له ،والتي قد يجد الباحث أن هناك إلي حد ما تمازج واندماج ديمُغرافي فيها مقارنة بحالة الصومال ، كما أنه ظل حتى تاريخ حصوله علي الاستقلال وبناء الدولة الحديثة يعاني من الأزمات السياسية والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة ،ونتيجة لهذه الأرض الواسعة ،ووجود بعض الثروات الطبيعية بهذا الإقليم ظلت هناك تعقيدات عديدة ،ارتبطت بأوضاعه الداخلية نتيجة للتقسيمات العرقية والأثنية والدينية واللغوية”[1]“.هذا كان الوفاق الثنائي اعترافاً تاريخياً باهتزاز الاستقطاب الثنائي أو القطبية الثنائية ،أي باهتزاز مكانة القطبين وقوتهما النسبية علي قمة العالم ،وبالتالي كان إعلانا ببزوغ عالم قوة  جديد يشاركهما فيه قرب القمة قادمون جدد وقوة صاعدة ، ولا يكاد يشك أحد اليوم أن عالمنا السياسي يتغير ما بعد الحرب الباردة  ، ونعيش في مرحلة انتقال حرجة ودقيقة ولكنها حاسمة من حقبة إستراتيجية إلي  أخري بكل ما تنطوي علي الكلمة من توازنات وتوزيعات وادوار .ومنذ أبرام الوفاق تحول كثير من الدول إلى ساحة للصراع الدولي وانهيار العديد من الدول كان من بينها الصومال ، كنتيجة لتلك التوازنات الإقليمية  القائمة مما أدى إلي تمزيق الدولة المركزية فيه ،  كما أن أزمة الهوية كانت ولا زالت نتيجة لهذه المتغيرات المختلفة في صدارة التأثير في أوضاعه ، وسداً مانع في الاستقرار السياسي فيه، وفي ظل انهيار الدولة وتفشي الفقر والبطالة  نشأت القرصنة  في مراحلها الأولى من قبل الصيادين الذين تم اضطهادهم من قبل سفن الصيد الأجنبية التي كانت تستغل السواحل الصومالية في عمليات الصيد غير المشروعة وتمنع قوارب وسفن الصيد الخاصة بالصيادين الصوماليين من الصيد”[2]” ، وشباب جائعين بهدف الحصول على لقمة العيش على شكل فدية تطلب من الشركات الغربية، بهدف الدفاع عن ثروات بلدهم . حيث إن مقرهم الرئيسي في مدينة ” بونت لأند” وميناء “أيل” على الساحل، مما ساعدهم في الحصول على الأموال التي منحتهم فرصاً للعيش برفاهية. وتتضح الأسباب الحقيقية لها في النقاط الآتية:

1 – انهيار الدولة وعدم الاستقرار الأمني: يعد انهيار الدولة الصومالية وضعف الأمن وعدم وجود حكومة مركزية فاعلة. أحد الأسباب الرئيسية لانتشار أعمال القرصنة.

2 -الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعيشها الصومال، الأمر الذي جعل بعض السكان ممن   يمتهنون الصيد البحري يتحولون إلى القرصنة البحرية لسرعة الكسب.

3 -ازدهار حركة النقل البحري بعد اكتشاف الطاقة وحجم التجارة الكبيرة المعتمدة عليها، ونقل الأموال والبضائع بواسطة السفن في البحار المفتوحة.

4 -التطور التقني الكبير للسفن التي يعتمد عليها القراصنة في ارتكاب جرائمهم والتي تساعدهم على إنجاح عملياتهم، حيث أصبحوا يعتمدون على سفن وزوارق سريعة ومجهزة بأحدث الأجهزة الملاحية وأجهزة الاتصال.

5-ازدياد عمليات الهجرة غير المشروعة بواسطة السفن نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة وهذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى تفريغ القراصنة العاطلين والمحرومين حيث يتم تجنيدهم فينخرطون في هذه الأعمال.

6 -الرغبة في تحقيق الثراء السريع صرف النظر عن مشروعية الوسائل هذا ما يدفع بعض الموظفين من ذوي الدخل المحدود المعنيين بالأمن إلى التعامل مع القراصنة مرونة وضعف.

7-ضعف الإجراءات والعقوبات التي تطبق بحق مرتكبي جرائم القرصنة البحرية مما أدى إلى تمادي القراصنة وتفشي أعمالهم.

8 -ضعف الإجراءات الأمنية في بعض الموانئ يؤدي إلى تمكن القراصنة من التسلل إلى السفن ثم المساهمة في عمليات الاقتحام”[3]“.

9 -تنظيم عصابات قوية منظمة تمارس أعمال القرصنة البحرية عد على تفشي الظاهرة، حيث تحصل هذه العصابات على التمويل اللازم والإمكانيات والأسلحة التي تساعد على إنجاح عملياتهم.

10-تمكن أكثر القراصنة من النجاة بفعلتهم عدهم على تكرر هذه الجرائم من أكثر الأسباب التي ساعدت على ذلك: عدم إبلاغ مشغلي السفن وربابنتها عن محاولات القرصنة البحرية، والتي يتم التسوية فيها بشكل مباشر بين أطقم السفن والقراصنة بدفع فدية.

11-الظروف السياسية والحروب الأهلية في الصومال ساعدت على انتشار الأسلحة والجريمة المنظمة فيها، وهذا ساعد القراصنة في الحصول على الأسلحة المختلفة التي يحتاجونها في تنفيذ تلك الأعمال”[4]“.

القرصنة البحرية في الصومال والممارسات المتعلقة بها

ثانياً: العناصر الممارسة للقرصنة:

يرى البعض أن القراصنة هم من عامة المجتمع الصومالي، نشأت مجاميعهم بعد انهيار الدولة الصومالية-كما ذكرنا -يعيشون حياة ترف، وهم يمتلكون المال والسلطة، ويزدادون قوة كل يوم ويتزوجون أجمل الفتيات ويبنون ويسكنون أكبر المنازل ويملكون أحدث السيارات، ويتعاطون القات المخدر. ويترك بعضهم عمل القرصنة ليطهر أمواله بالانخراط في العمل التجاري المحض، كإنشاء فنادق في بعض المدن في” بونت لأند” أو القيام باستيراد البضائع، وفي بعض الأحيان تغري هذه العملية بعض الفقراء، ليمارسوا أعمال القرصنة مدة حتى يثروا ثم يتحولون إلى تجارة أخرى”[5]“.

  وهنالك رأي أخر يرى أن سوء الأوضاع المعيشية  وحالة المجاعة التي انتشرت في البلاد أدى إلى الإقبال على هذه الظاهرة من قبل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20-35 سنة ، ومنتسبين الدولة الصومالية السابقين وكذلك الميليشيات المسلحة الذين يأتون من جميع أنحاء البلاد”[6] “، الأمر الذي ساهم في تطور تجهيزاتهم وتسليحهم وانتشارها  في الساحل الصومالي و القرن الأفريقي فأثرت على حركة الملاحة الدولية ، وهم وأضحت معضلة محلية وعربية ودولية ، تتطلب التصدي لها ذلك للحد منها ومعاقبة منفذيها محلياً وإقليماً ودولياً وفقاً للمواثيق والأعراف الدولية.

    هذا وقد اختلف مفكرو القانون الدولي والعلاقات الدولية في الإجابة على سؤال تردد في عدة مصادر من هم القراصنة؟ أجاب البعض بأنهم الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم “حراس السواحل” أو ضباط بحرية صوماليون”[7]“. أو جنود البحرية الصومالية. أو أمراء الحرب أو موظفي الدولة الصومالية السابقين. إلا أنه وفي ضوء البحث المعمق حول جذورها التاريخية وأطرافها الحقيقيين. اتضح أن التعاون الذي تم بين الشباب في المناطق الساحلية شمال شرقي الصومال، وبقايا الميلشيات الذين استقلوا عن أمراء الحرب”[8]“، وكنتيجة لذلك برزت مجموعات قوية تتألف من ثلاثة عناصر أساسية:

  1. الميلشيات التي كانت تعمل لدى أمراء الحرب وهم يشكلون القوة العسكرية.

  2. الصيادون المحليون وهم يشكلون الخبرة اللازمة لركوب البحر.

  3. مجموعة من التقنيين الذين يجيدون التعامل مع الأجهزة المتطورة التي يستخدمها هؤلاء.

    وهذه المجموعة الأخيرة هي التي تقوم بالتواصل مع العالم الخارجي، والتحدث إلى طاقم السفينة كونها تجيد اللغات الأجنبية، وفي مقدمتهم مدرسين ومحاميين كنتيجة لسوء الأحوال المعيشية التحقوا بالقراصنة تاركين عملهم، كما أن هناك مصادر أخري تشير إلى أن عدداً من قوات الشرطة في “بونت لأند”، بل أن مجموعات كبيرة يأتون من مختلف أنحاء الصومال ينضمون إلى القرصنة بحثاً عن العيش””[9].  وكما ذكر البعض ينتمي هؤلاء القراصنة إلى قبائل مختلفة، فأكثرهم ينتمون إلى قبيلة المجرتين القاطنة شمال شرقي الصومال، وبعضهم إلى قبيلة الهوية في وسط وجنوب الصومال، ولديهم قواعد في التعامل ، ومنها انتشار الفوضى براً ، وعدم الاعتداء على الرهائن والاستيلاء على الممتلكات”[10]“.

ثالثاً: وسائل عمل القراصنة في الصومال:

      يستخدم القراصنة زوارق سريعة مزودة بقوة نيران إضافية، بما فيها مدافع 14.5 ملم مضادة للطائرات، ورشاشات وقاذفات صواريخ تمثل تهديداً خطيراً حتى لأكبر السفن التجارية، ووضح البعض أن تلك الزوارق السريعة التي أصبح القراصنة الصوماليون يستخدمونها في عملياتهم مزودة بالهواتف المتصلة بالأقمار الاصطناعية، وكذلك بقاذفات مضادة للدروع وبنادق هجومية”[11]“.

    كما يستخدم القراصنة أيضاً الهواتف الجوالة المسماة بالثر يا، وأجهزة اتصالات لاسلكية عالية التردد مثل جهاز “VHF” وجهاز “HF” وهو أقل تردداً من السابق، وكانوا أن يرمون بهواتفهم الجوالة في المياه عقب أية عملية ينفذونها بحق أية سفينة، تجنباً لرصد تحركاتهم وتحديد مواقعهم عبر الأقمار الاصطناعية قبل أن يصلوا إلى شواطئ الصومال، ثم يستخدمون أجهزة الاتصال اللاسلكية”[12]“.

   بالإضافة إلى ذلك فقد تطورت عمليات القرصنة حيث لم تعد قاصرة على أفراد بل أصبحت عمليات شبه تنظيمية، لتحقيق أهداف سياسية، يستخدمون فيها زوارق الفيبرجلاس أو أنواعاً خشبية بحيث لا يلتقطها الرادار. وأكدت مصادر روسية أن القراصنة الصوماليين يستخدمون في هجماتهم سفناً تم طلاؤها بمادة تمنع أجهزة الرادار من رصدها، وهي مادة تنتج بالأساس للاستخدام العسكري وتشبه التكنولوجيا المستخدمة في المقاتلة الأمريكية الشهيرة التي لا ترصدها أجهزة الرادار والتي تسمي بالشبح، وبفضل ذلك أصبح لدى القراصنة القوارب “الشبح” التي لا يفلح الوجود العسكري الدولي في اصطيادها بأجهزته المتقدمة بهدف تقليص خطرها، وهذا الطلاء “A1″ من اختراع عالم ألماني يعيش في دولة الإمارات”[13]“.

    إن القراصنة الصوماليين تحولوا إلى قوات عسكرية خفيفة مجهزين بشكل جيد ومحترفين ولديهم قدرات بحرية منظمة متمركزة في كينيا وعدد القرصنة المنتشرين على طول السواحل الصومالية يقدر بنحو 1100 رجل، وهم في ازدياد موزعين على 4 مجاميع ومعظمهم من خفر السواحل أو مجموعتين، ويشكك محللون بأن هناك قراصنة صوماليين يحصلون على مساعدة من يمنيين وربما نيجريين ويخشون أن تستخدم الغنائم في تمويل الإرهاب. ويتعامل هؤلاء القراصنة فيما بينهم بأسماء مستعارة، ويتلقون الأوامر من رؤسائهم بلغة أقرب إلى الشفرة، ولهم قيادة تخطط لهم وتقوم بتوجيههم، ويملكون زوارق سريعة زودت بمحركات تجعل تلك الزوارق قادرة على مطاردة السفن والمناورة حولها بكفاءة غير عادية، ويمتلكون أجهزة تمكنهم من الاستيلاء على السفن، ولديهم شبكات تجسس في الموانئ، مثل دبي وجيبوتي وعدن لرصد ضحاياهم”[14]“.

  واستخدام القراصنة منحني تصاعدياً مع استخدامهم زوارق عالية السرعة وكبيرة الحجم، مما يتيح لهم مهاجمة السفن خارج إطار المياه الساحلية لتمتد عملياتهم على طول المياه المحاذية للصومال، واستهدافهم سفن مختلفة الأحجام سواء يخوت أو سفن تجارية إضافة إلى ناقلات النفط التي تبحر في المياه الدولية”[15]“.  ويكون ذلك المكان قريب من خطوط التجارة البحرية ، حتى يسهل الهجوم علي السفن ،ومن جهة أخري يختارون مكانا يكون السكان فيه متعاطفين معهم ، إذ يعتبرون نشاطهم عمل شرعي يحقق لهم مصدر للدخل ، ويساعدهم علي مواجهة الفقر والبطالة المنتشرة فيما بينهم ، كما يفضل  القراصنة أن تكون تلك المراكز منعزلة عن السواحل  القريبة ، و ذلك مثل الأرخبيلات والجزر النائية ،  والبحث عن من يتواطئون معهم من السلطات المحلية ، مما يسهل عليهم الاحتماء والهروب عند مطاردتهم وملاحقتهم ، ويفضلون أن تكون تلك الجزر والأرخبيلات غير مستقرة سياسياً و تغلب عليها  الأطرابات الدائمة ، تجعل السلطة المحلية غير قادرة علي مواجهة تلك الفوضى”[16]“.

     وكما أكد تقرير صادر عن مركز “شاتام هاوس” للأبحاث الموجود بلندن مقراً له أن القراصنة: يحصلون على معظم أسلحتهم من اليمن ، و أن عدداً كبيراً من قطع الأسلحة يتم شراؤها من العاصمة الصومالية مقديشو، وأيضاً تجار السلاح في مقديشو يطلبون دفعات مالية لطلابيات السلاح عبر تمويل مالي قائم، ويقوم بعد ذلك رجال الميلشيات الصومالية بنقل السلاح إلى الشمال في “بونت لأند”، ولا يدفعون ثمن تلك الشحنات ألا عند استلامها، وهم مدربون بشكل جيد ، وكما ذكرنا في السابق يستخدمون أجهزة حديثة مثل هواتف أقمار الصناعية، وأجهزة الاستدلال وتحديد المواقع العالمية باستخدام الأقمار الصناعية التي تستخدم نظام   “GBS”الأمريكي في رصد ومتابعة السفن التجارية والناقلات المستهدفة وتحديد خط  ووجهة سيرها”[17]“.

رابعاً:الممارسات المتعلقة بالقرصنة في الصومال:

وتشتمل الممارسات المتعلقة بالقرصنة في الصومال على مراكز انطلاقهم، وأساليب عمل القراصنة:

أ :مراكز انطلاقهم : تمكن القراصنة من السكن في أرض المدن في “بونت لأند” في مدينتي “جروي” و “وغالكعيو” ، وقد وصل عشرات الشباب إلى منطقة “حرطيري” بينهم الميليشيات وأمراء حرب من المناطق الأخرى بما فيها مقديشو من أجل الانضمام إلي القرصنة وتمكنوا من احتجاز السفن المختطفة في مناطق قبيلتي مجرتين وقبيلة الهوية مثل”ايل” و”غرعدي” أو منطقتي “حرطيري” و”هبيو”، وقد شكلت قرية أيل الصغيرة وقرى أخرى تطل على الساحل الصومالي مكاناً يأوي عدداً من السفن المختطفة حديثاً، ويقوم القراصنة بنقل السفن المختطفة إلي موانئ صغيرة مثل ايل ، ويحتجزونها حتى يتم دفع الفدية”[18]“.

    ينسب إلى منطقة “بونت لأند” بموقعها الاستراتيجي الفريد أغلب عمليات القرصنة، خاصة وأن سواحلها تطل على جانبي القرن الأفريقي وخليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، فهذه المنطقة تساعد على مراقبة حركة الملاحة البحرية القادمة إلى قناة السويس ، وسهولة خطف السفن في عرض المحيط الهندي، وسهولة خطف السفن القادمة من البحر الأحمر، وتمثل حقيقة أن” بونت لأند” هي مهد القراصنة ، وأفقر مناطق الصومال، وتمثل القرصنة إغراء مالياً قوياً”[19]“، كما يمثل ميناء بوصاصو محل لتواجد السفن المخطوفة، ويقوم القراصنة بحراسة هذه السفن بتوجيه مجموعة من القراصنة للقيام بعملية الخطف كما أن منطقة “أرض الصومال” التي أعلنت استقلالها عام 1991م هي الأخرى محل لجوء القراصنة الصوماليين إليها عند الحاجة لأنها تساهم بين فترة وأخرى في المفاوضات”[20]“.

ب: أساليب عمل القراصنة: تعددت الأساليب التي يستخدمها القراصنة في تنفيذ عملياتهم”[21]،  فمنها على سبيل المثال الاعتداء البسيط وهو ما يتم على مشارف السواحل الصومالية ، والتي يقوم بها لصوص ومجرمون ، مستخدمين أسلحة خفيفة ، وأسلحة بيضاء ، وقوارب قوية جداً ، ضد الصيادين والسائحين بقصد جلب المال الوفير من الصناديق الحديدة الموجودة في قوارب الصيد ، والأغراض الشخصية غالية الثمن الخاصة بالسائحين ومنها أيضا الاعتداء المتوسط وهو ما يتم من خلال عصابات إجرامية منظمة تنظيماً جيداً ، يستخدمون أسلحة متوسطاً أو ثقيلاً وهم يعملون لحساب شركاء على البر ، يقوم القراصنة في هذا الأسلوب بهجمات عنيفة وعمليات نهب مما يشكل تهديداً على الملاحة ، خاصة عند تجميد عمل الملاحين وشل حركتهم وحجزهم”[22]“. ويوجد أسلوب أخر يستخدمه القراصنة وهو شد عدوانية تقوم به عصابات منظمة على المستوى الإقليمي والدولي ويستخدم فيه الأسلحة النارية الثقيلة والاعتداء بالقنابل على السفن والاستيلاء على البضائع الغالية الموجودة عليها، وقد يتم في بعض الأحيان قتل طاقمها.

ج-الممارسات المتعلقة بالقراصنة في الصومال:

ومن بين هذه الممارسات ما يلي:

* استخدام القراصنة عند خطفهم السفينة المصرية يوم 3 سبتمبر 2008م أسلوب القفز بتسلق السفينة، وهم يحملون الأسلحة والرشاشات المسدسات والقاذفات “الأربي جي ” وقد حاول أفراد طاقم السفينة إبعادهم عن مسار السفينة لكنهم كانوا مدربين على هذه المواجهات في البحر حيث كانت لديهم معدات وسلالم ألمنيوم يتسلقون بها السفينة ويوجهون أسلحتهم تجاه السفينة ويتم تهديد أفراد السفينة بالتصفية الجسدية عند المقاومة.

* إن السفن التجارية غير مجهزة عسكرياً ولا تحمل أسلحة وهي كبيرة ولا يزيد أفراد الطاقم عن 25  وتوجد لدى القراصنة سفينة تساعد السفينة الأم يسمونها ” التراولة” ، وهي سفينة صيد متوسطة الحجم توهم الآخرين على إنها للصيد وهي متصلة بالأقمار الصناعية، وتراقب جميع السفن التجارية ، وتحدد نوعها وحمولتها وعدد أفراد طاقمها وقيمة الحمولة مادياً، وتقوم السفينة الأم بإرسال 3 إلى 4 قوارب Speedboats”” تقوم بمحاصرة السفينة التجارية، وإحاطتها من الجانبين وعن طريق السلالم الخشبية أو الحبال يقفزون على سطح السفينة ومعهم أسلحة مثل الرشاشات والقنابل اليدوية والأسلحة الأوتوماتيكية ويستولون على سطح السفينة، ثم يسيطرون على طاقمها، وينتقلون إلى السفن الصغيرة ويتجولون بها إلى جهة غير معلومة كأسرى في عملية الخطف Kidnapping ثم يحددون فدية بعد أن يختطفوا الركاب أو الطاقم ، ويأمرون القبطان بالاتجاه بالسفينة إلى جهة غير معلومة عند السواحل”[23]“.

 *  إن للسفن التي يستخدمها القراصنة قواعد تنطلق منها هجماتهم وطلب بتحرك وقائي لمكافحة السفن الأم، قبل أن ينفذ القراصنة عملية خطف باتجاه سفن القوارب البحرية إلى اعتراض طريقها وتفتيشها والاستيلاء على أية أسلحة إلى متنها مشيراً إلى أن مواقع السفن الأم معروفة جيداً ، وتوجد حالياً أربع سفن أم يستخدمها القراصنة، وهم يعيشون على متن هذه السفن الأم ويخزنون فيها الأسلحة والوقود ، ثم يستهدفون السفن التي يكون من بينها ناقلات نفط، عن طريق مطاردتها، بزوارق سريعة والصعود على متنها بسلالم من الحبال ، وهم مدججون بالسلاح.

  * في حالة حصول القراصنة على سفينة كبيرة، فإنهم ينطلقون إليها بقوارب سريعة مجهزة بأسلحة ورجال يحملون بنادق AK47 ويتسلقون على متنها مستخدمين سلالم حبال مفتولة، حيث يصعدون بها إلى متن السفن الكبيرة ، وأكد البعض بأن هناك ثلاث سفن صيد متواجدة بشكل دائم  في خليج عدن يعتقد إنها تابعة للقرصنة، ويستخدمون في بعض الأحيان زوارق سريعة في الهجوم الواحد ، يحمل كل واحد منها ما بين ستة عشر رجلاً مسلحين ببنادق AK47 الهجومية، وأحياناً قذائف صاروخية ولا يستخدمون أسلحة غير متوفرة في الصومال ، بل كل البنادق والقذائف الصاروخية التي بحوزتهم متوفرة في السوق الصومالي”[24]“.

  * كما أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليمن، لوكالات الأنباء الألمانية بوجود حالات بين القراصنة ومهربي البشر، وكذلك تم استخدام اللاجئين كدروع بشرية ، وهذا ما أكدته  البحرية الفرنسية بإيقافها زورق محمل بـ 100 لاجئ من الصومال إلى اليمن، و بعد التدقيق اتضح أنه يحمل أسلحة ومجموعة من القراصنة تقوم بجلب اللاجئين ، وتستطلع السفن المبحرة واتجاهها ،ثم تفرغ حمولتها في اليمن وعند عودتها إلى الصومال تهاجم السفن، كما اتضح أن القراصنة يستخدمون تهريب البشر كأسلوب جديد في خطف السفن، وهو بمثابة تغطية تجاه السفن الأجنبية لكي تكسب عطفهم وإبعاد الشكوك عنها.

   * بالرغم من التطور التكنولوجي الواسع وتعدد الهيأة والمنظمات الدولية والمحلية والقوانين المنظمة، إلا أن أعمال القرصنة عادت لتطفو على السطح من جديد، لتحد من حركة الملاحة الدولية، حيث يقوم القراصنة باختطاف السفن ثم يتخلصون من طاقمها ويقومون بالتصرف في حمولتها، ويبيعون السفينة أو يعمدون إلى تمويهها ثم تشغيلها بطرق غير شرعية “[25]“.

[1] –  للمزيد انظر:محمد سلامة مسلم،القرصنة البحرية ومخاطرها علي البحر الأحمر،(بيروت،المكتبة القومية،2011م)،صص88-110.

[2]  – نواره مفتاح مسعود العوراني،مرجع سبق ذكره،ص195.

[3] – المنظمة البحرية الدولية: المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية، (لندن،ايطاليا ،د ط ،2003) ،ص3.

[4] – أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سبق ذكره،ص155.

[5]المرجع السباق،ص147 .

  91 – Patrick Lennox ;”Contemporary piracy off the horn of Africa” ,(Centre for Military and Strategic Studies University of Calgary , December 2008) ,p16.

[7]– سوزي  الجنيدي ، مطلوب حرك عربي سريع لحماية الأمن القومي العربي،مجلة الأهرام العربي،(القاهرة،11 اكتوبر2008 م)،ص16.

[8]– أبو الخير أحمد عطية،مرجع سبق ذكره،145.

94 -Chris Boutet,  “Today in piracy: who  are   the    pirates   off   Somalia’s   coast  ?,  “National  post  ,             November  19,2008,http:IIwww.net work-national post.com InpIblogs  IpostedI  archived  19,11,2008Itoday.in .piracy-who .are .the .pirates-off .Somalia’s  .Coast.   Saps.

[10]– أبو الخير أحمد عطية،مرجع سبق ذكره، ص145.

[11]المرجع السابق ، ص 146.

[12]المرجع السابق،ص 147.

[13]  – محمد صادق، قراصنة باب المندب عصابات أمريكية أما لقاعدة ،مجلة الوطن العربي،(بيروت،26نوفمبر 2008 م)،ص26.

[14]– المرجع السابق ، ص 27.

[15] – عبد الناصر منصور،أمن البحر الأحمر في خطر الإرهاب البحري و القرصنة البحرية، مجلة الأهرام الاقتصادي ( القاهرة،مركز الأهرام، 19 يناير  2009م ) ،ص44.

[16]– Hoist The jolly Roger , piracy.  Maritime Terrorism   and Naval strategy, preliminary:  (Version University of Copenhagen. 16 November.2008), p11.

[17]  – أحمد فخر،القراصنة في الصومال تهديد للتجارة العالمية وإذكاء للحرب المحلية،(القاهرة،المركزالدوليللدراساتالمستقبليةوالاستراتيجية،القاهرة،العدد 47،السنة4، 2008م).

[18]المرجع السابق،ص67.

[19] –  المرجع السابق،ص10.

[20]–  إبراهيم العشماوي ،جريدة الأهرام،ديسمبر 2008م.

[21]  – المنظمة البحرية الدولية (IMO) الموقع الالكتروني :www.imo.org/safety

                                                                                  .

[23]–  أبو الخير أحمد عطية،مرجع سبق ذكره، 151.

[24]ازدهار القراصنة في الصومال الغارقة في الفقر واليأس . http:// www.alpuds.com/node/109213.

[25] –  أحمد طاهر،أزمة القرصنة الصومالية بين مخاطر التداعيات وحساسيات المعالجة على أمن المنطقة ،مجلة شؤون خليجية، (القاهرة،مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية العدد 55،خريف 2008م)،ص ص 113- 114.

Exit mobile version