القرصنة البحرية في الصومال والممارسات المتعلقة بها
القرصنة البحرية في الصومال والممارسات المتعلقة بها
تأسيساً على ما سبق سيقوم الباحث في هذا المبحث بإثارة مجموعة من التساؤلات ومحولة الإجابة عنها،وهي: ما الأسباب الحقيقية لظاهرة القرصنة في الساحل الصومالي؟ وما هو نطاق خطورتها؟ومن أطرافها؟وما وسائل عملها؟ لذا سنتناول في هذا المبحث بالتفصيل أسبابها الحقيقية وأطرافها ووسائل عملها.
أًولاً: الأسباب الحقيقية للقرصنة في الصومال:
لقد مر الصومال عبر العصور المختلفة بشبكة من الموجات الديمُغرافية ،كنتيجة لعدم الاستقرار وبالتالي ظهرت التنوعات العرقية والثقافات المتعددة والحضارات المختلفة نتيجة لهذا الموقع والمساحة الكبيرة ،والأرض الشاسعة ،كل ذلك أوجد هويات مختلفة بل وحضارات متنوعة ، ولم تكتمل عملية الاندماج الديموغرافي أسوة بدول أخري مجاورة له ،والتي قد يجد الباحث أن هناك إلي حد ما تمازج واندماج ديمُغرافي فيها مقارنة بحالة الصومال ، كما أنه ظل حتى تاريخ حصوله علي الاستقلال وبناء الدولة الحديثة يعاني من الأزمات السياسية والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة ،ونتيجة لهذه الأرض الواسعة ،ووجود بعض الثروات الطبيعية بهذا الإقليم ظلت هناك تعقيدات عديدة ،ارتبطت بأوضاعه الداخلية نتيجة للتقسيمات العرقية والأثنية والدينية واللغوية”[1]“.هذا كان الوفاق الثنائي اعترافاً تاريخياً باهتزاز الاستقطاب الثنائي أو القطبية الثنائية ،أي باهتزاز مكانة القطبين وقوتهما النسبية علي قمة العالم ،وبالتالي كان إعلانا ببزوغ عالم قوة جديد يشاركهما فيه قرب القمة قادمون جدد وقوة صاعدة ، ولا يكاد يشك أحد اليوم أن عالمنا السياسي يتغير ما بعد الحرب الباردة ، ونعيش في مرحلة انتقال حرجة ودقيقة ولكنها حاسمة من حقبة إستراتيجية إلي أخري بكل ما تنطوي علي الكلمة من توازنات وتوزيعات وادوار .ومنذ أبرام الوفاق تحول كثير من الدول إلى ساحة للصراع الدولي وانهيار العديد من الدول كان من بينها الصومال ، كنتيجة لتلك التوازنات الإقليمية القائمة مما أدى إلي تمزيق الدولة المركزية فيه ، كما أن أزمة الهوية كانت ولا زالت نتيجة لهذه المتغيرات المختلفة في صدارة التأثير في أوضاعه ، وسداً مانع في الاستقرار السياسي فيه، وفي ظل انهيار الدولة وتفشي الفقر والبطالة نشأت القرصنة في مراحلها الأولى من قبل الصيادين الذين تم اضطهادهم من قبل سفن الصيد الأجنبية التي كانت تستغل السواحل الصومالية في عمليات الصيد غير المشروعة وتمنع قوارب وسفن الصيد الخاصة بالصيادين الصوماليين من الصيد”[2]” ، وشباب جائعين بهدف الحصول على لقمة العيش على شكل فدية تطلب من الشركات الغربية، بهدف الدفاع عن ثروات بلدهم . حيث إن مقرهم الرئيسي في مدينة ” بونت لأند” وميناء “أيل” على الساحل، مما ساعدهم في الحصول على الأموال التي منحتهم فرصاً للعيش برفاهية. وتتضح الأسباب الحقيقية لها في النقاط الآتية:
1 – انهيار الدولة وعدم الاستقرار الأمني: يعد انهيار الدولة الصومالية وضعف الأمن وعدم وجود حكومة مركزية فاعلة. أحد الأسباب الرئيسية لانتشار أعمال القرصنة.
2 -الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعيشها الصومال، الأمر الذي جعل بعض السكان ممن يمتهنون الصيد البحري يتحولون إلى القرصنة البحرية لسرعة الكسب.
3 -ازدهار حركة النقل البحري بعد اكتشاف الطاقة وحجم التجارة الكبيرة المعتمدة عليها، ونقل الأموال والبضائع بواسطة السفن في البحار المفتوحة.
4 -التطور التقني الكبير للسفن التي يعتمد عليها القراصنة في ارتكاب جرائمهم والتي تساعدهم على إنجاح عملياتهم، حيث أصبحوا يعتمدون على سفن وزوارق سريعة ومجهزة بأحدث الأجهزة الملاحية وأجهزة الاتصال.
5-ازدياد عمليات الهجرة غير المشروعة بواسطة السفن نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة وهذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى تفريغ القراصنة العاطلين والمحرومين حيث يتم تجنيدهم فينخرطون في هذه الأعمال.
6 -الرغبة في تحقيق الثراء السريع صرف النظر عن مشروعية الوسائل هذا ما يدفع بعض الموظفين من ذوي الدخل المحدود المعنيين بالأمن إلى التعامل مع القراصنة مرونة وضعف.
7-ضعف الإجراءات والعقوبات التي تطبق بحق مرتكبي جرائم القرصنة البحرية مما أدى إلى تمادي القراصنة وتفشي أعمالهم.
8 -ضعف الإجراءات الأمنية في بعض الموانئ يؤدي إلى تمكن القراصنة من التسلل إلى السفن ثم المساهمة في عمليات الاقتحام”[3]“.
9 -تنظيم عصابات قوية منظمة تمارس أعمال القرصنة البحرية عد على تفشي الظاهرة، حيث تحصل هذه العصابات على التمويل اللازم والإمكانيات والأسلحة التي تساعد على إنجاح عملياتهم.
10-تمكن أكثر القراصنة من النجاة بفعلتهم عدهم على تكرر هذه الجرائم من أكثر الأسباب التي ساعدت على ذلك: عدم إبلاغ مشغلي السفن وربابنتها عن محاولات القرصنة البحرية، والتي يتم التسوية فيها بشكل مباشر بين أطقم السفن والقراصنة بدفع فدية.
11-الظروف السياسية والحروب الأهلية في الصومال ساعدت على انتشار الأسلحة والجريمة المنظمة فيها، وهذا ساعد القراصنة في الحصول على الأسلحة المختلفة التي يحتاجونها في تنفيذ تلك الأعمال”[4]“.
ثانياً: العناصر الممارسة للقرصنة:
يرى البعض أن القراصنة هم من عامة المجتمع الصومالي، نشأت مجاميعهم بعد انهيار الدولة الصومالية-كما ذكرنا -يعيشون حياة ترف، وهم يمتلكون المال والسلطة، ويزدادون قوة كل يوم ويتزوجون أجمل الفتيات ويبنون ويسكنون أكبر المنازل ويملكون أحدث السيارات، ويتعاطون القات المخدر. ويترك بعضهم عمل القرصنة ليطهر أمواله بالانخراط في العمل التجاري المحض، كإنشاء فنادق في بعض المدن في” بونت لأند” أو القيام باستيراد البضائع، وفي بعض الأحيان تغري هذه العملية بعض الفقراء، ليمارسوا أعمال القرصنة مدة حتى يثروا ثم يتحولون إلى تجارة أخرى”[5]“.
وهنالك رأي أخر يرى أن سوء الأوضاع المعيشية وحالة المجاعة التي انتشرت في البلاد أدى إلى الإقبال على هذه الظاهرة من قبل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20-35 سنة ، ومنتسبين الدولة الصومالية السابقين وكذلك الميليشيات المسلحة الذين يأتون من جميع أنحاء البلاد”[6] “، الأمر الذي ساهم في تطور تجهيزاتهم وتسليحهم وانتشارها في الساحل الصومالي و القرن الأفريقي فأثرت على حركة الملاحة الدولية ، وهم وأضحت معضلة محلية وعربية ودولية ، تتطلب التصدي لها ذلك للحد منها ومعاقبة منفذيها محلياً وإقليماً ودولياً وفقاً للمواثيق والأعراف الدولية.
هذا وقد اختلف مفكرو القانون الدولي والعلاقات الدولية في الإجابة على سؤال تردد في عدة مصادر من هم القراصنة؟ أجاب البعض بأنهم الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم “حراس السواحل” أو ضباط بحرية صوماليون”[7]“. أو جنود البحرية الصومالية. أو أمراء الحرب أو موظفي الدولة الصومالية السابقين. إلا أنه وفي ضوء البحث المعمق حول جذورها التاريخية وأطرافها الحقيقيين. اتضح أن التعاون الذي تم بين الشباب في المناطق الساحلية شمال شرقي الصومال، وبقايا الميلشيات الذين استقلوا عن أمراء الحرب”[8]“، وكنتيجة لذلك برزت مجموعات قوية تتألف من ثلاثة عناصر أساسية:
-
الميلشيات التي كانت تعمل لدى أمراء الحرب وهم يشكلون القوة العسكرية.
-
الصيادون المحليون وهم يشكلون الخبرة اللازمة لركوب البحر.
-
مجموعة من التقنيين الذين يجيدون التعامل مع الأجهزة المتطورة التي يستخدمها هؤلاء.