إن اللغة رمز أساسي يعبر عن كينونة وهوية الأمة، وهي وسيلة الاتصال والتواصل والتعبير، وكذا طريق للإبداع والتفكير، وهي مظهر ثقافي وحضاري جمعي يرسم تفاصيل عن مجتمع ما. فالعلاقة وثيقة بين اللغة والهوية، ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى بغض النظر عما إذا كانت اللغة واحدة أو متعددة.
ومن هذا المنطلق نتناول في هذه المداخلة دراسة أبعاد العلاقة بين اللغة والهوية في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية، ونركز بالخصوص على مدى تأثر كلا العنصرين حتمًا بالوجود الاستعماري الفرنسي، ونتطرق لجهود الجزائريين في الحفاظ على لغتهم وكيانهم، ومختلف العوائق التي واجهتهم في هذه المساعي؛ خاصة أن اللغة الفرنسية كانت قد فرضت طويلا كلغة رسمية، وهذا ما أدى تدريجيًا لانكماش اللغة العربية، وانحصار مجالها أمام اللغة الدارجة أو اللهجات المحلية الأخرى.
إن هذه الخلفية التاريخية تعتبر ضرورية لفهم واستيعاب الخلل اللغوي الذي يعانيه المجتمع اليوم من سيادة واضحة للغة الفرنسية في الحياة اليومية وفي المعاملات الرسمية، وبالمقابل نجد محدودية لاستعمال اللغة العربية، وانقسام النخب بين هاته والأخرى في تفوق دائم للأولى.