توجهات السياسة المصرية تجاه سد النهضة الإثيوبي في ظل مآلات ثورة 25 يناير
آثار ما تقوم به إثيوبيا من إنشاء سد النهضةالإثيوبي، وما يقترن به من مخاوف مشروعة لكل من مصر والسودان،جدلا واسعا في مصر حول الانتفاع غير العادل له. ولا يزال تحدي سد النهضة وتهديده للأمن المائي المصري قائم، حيث أنه لا يرتبط فقط بسعته التخزينية وسلامة وأمان السد، ولكن أيضا بالرسالة التي حملها من تجاوز حقوق مصر التاريخية، فضلًا عن غياب أي ضمانات لعدم تكراره في إثيوبيا أو أي من دول حوض النيل. ومن ثم يجب أن تبنى الإستراتيجية المصرية على ضمان عدم تكرار هذه الأزمة، والخروج من منها بأقل خسائر ممكنه، وأن تدفع للتواصل لاتفاق مؤسسي وقانوني لتنظيم إدارة التعاون بين دول حوض النيل.
وهو ما يتطلب امتلاك رؤية جديدة لما تشهده منطقة حوض النيل من مستجدات وتطورات تتعلق بموازين القوى والمصالح الإقليمية والدولية، وما يتوافر لمصر من قدرات وإمكانات في هذه اللحظة. فعلي الرغم من أن التحركات المصرية الراهنة لا تنطلق من فراغ، فقد نجحت دبلوماسية ما بعد 30 يونيو في تنامي وحرص القيادة السياسية المصرية على استعادة مقومات الدولة المصرية وقدراتها على التحرك الفاعل في محيطها العربي والأفريقي، فأنه يجب الأخذ في الاعتبار أن اللحظة الراهنة تتطلب استعادة القدرة على المبادرة والتأثير في بيئة التفاوض بشكل أشمل من مجرد مواجهة أزمة سد النهضة أو التعامل مع إثيوبيا فقط، بل أيضا صياغة رسالة خاصة لقضية الأمن المائي ضمن رسالة أوسع للتوجهات الرئاسية للسياسة الخارجية المصرية تجاه أفريقيا، وأن تتضمن في نفس الوقت بلورة رؤية لمعالجة درجات التشابك بين كثير من القضايا المطروحة على أجندة القارة الأفريقية لا سيما تلك المتعلقة بقضايا التنمية والفقر والسلم والأمن.
هذه الرسالة بدورها، يجب أن تتضمن مبادرة جديدة لتفعيل أطر مبادرة دول حوض النيل، وأن تشمل تقديم تصور مصري متكامل لمعادلة التعاون المائي لا يقف عند سد النهضة، ولكن لمنظومة السدود على طول النهر وربطها بمتطلبات التنمية الزراعية والطاقة، وأن تتحدد وفقًا لجداول زمنية تراعي عدم الإضرار، وخاصة أن مشكلة التعاون لا ترتبط بندرة المياه ولكن بعدم القدرة على إدارة عملية الاستفادة من مياه النهر، حيث ترتبط بالمنظور الأحادي الذي سعت إثيوبيا وعدد من دول المنابع لفرضه على مصر كواقع من خلال اتفاق عنتيبي.
يمكن القول بأن هناك حقيقة مفادها قيام مصر الجديدة بقيادة الرئيس السيسى بالتعاطى مع الواقع الإقليمي المعقد والتحولات الدولية وصعود فاعلين إقليميين جدد ومحاولة استعادة دور مصر في إفريقيا بالانفتاح التجاري والتكنولوجي والاستثماري، لذا عمدت للتوجه نحو المنفعة المشتركة طبقاً لقاعدة لاضرر ولا ضرار. فقد استمرنهج مصر التفاوضي خلال مفاوضات سد النهضة مستندًا إلى مجموعة من الثوابت الحاكمة والتي تنم عن رغبة في توسيع أطر التعاون وتكامل الأهداف مع التعبير في نفس الوقت عن المخاوف بشأن التأثيرات السلبية للسد على الأمن المائي.
المشكلة البحثية:
تحاول الدراسة الإجابة على سؤال رئيسي حول ماهية توجهات السياسة المصرية تجاهأزمة سد النهضة بين مصر وأثيوبيا في ظل مآلات ثورة 25 يناير والتفاعل الدولي والاقليمي وتأثيره علي الأمن القومي المصري؟
المنهج:
تعتمد الدراسة منهج تحليل النظمي وقد تمت الاستعانة بالإطار التحليلي لـ”برتيشر” من منظور “دراسة الحالة”، وهي دراسة الصراعات المائية الدولية وتفسيرها مع التطبيق علي الصراع المائي بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، حيث تم تحديد أسباب ومحددات الصراع الدولي في حوض النيل ويمثل ذلك مدخلات للنظام الإقليمي لحوض النيل من محدودية المياه وغيرها وفي إطار البيئة الداخلية والخارجية، من ذلك يتم التوصل إلي قرارات للتعامل مع مخرجات النظام من علاقات صراعية أو تعاونية.
تقسيم الدراسة:
مقدمة منهجية..
المحورالأول: ثورة 25 يناير..وتوجهات السياسة الخارجية تجاه دول حوض النيل
أولا:توجهات السياسة الدبلوماسية لمصر الثورة وإعادة العلاقات مع دول حوض النيل
ثانيا: سد النهضة..وحلقة جديدة من الصراع المصري الإثيوبي
- تقييم إدارة الدولة لقضية السدود الأثيوبية بين مصر وإثيوبيا
- سد النهضة….بين الرؤية الأثيوبية والسودانية والمصرية
المحورالثاني: أزمة بناء سد النهضة بين مصر وأثيوبيا…بعد ثورة 25 يناير 2011
أولا: المرحلة الأنتقالية وتأجج أزمة سد النهضة
ثانيا:إدارة الرئيس محمد مرسي لملف سد النهضة
المحور الثالث: 30 يونيو …وتداعياتها علي أزمة بناء سد النهضة
أولا:الإدارة المصرية لأزمة سد النهضة بعد 30 يونيو
ثانيا:مسارات التحرك المصري في قضية سد النهضة في عهد الرئيس السيسى
(وثيقة سد النهضة: تأثيرها والرؤى المختلفة بشأنها)
المحور الرابع: الأمن القومي المصري.. في ضوء التفاعل الدولي والإقليمي في أزمة بناء سد النهضة
(الضغط الأمريكي والأسرائيلي عبر أثيوبيا ودولة جنوب السودان… وارهاصات الموقف العربي مؤخرا من الأزمة)
الخاتمة: ورؤية استشرافية نحو بناء سياسة مصرية مؤثرة ومستديمة في حوض النيل لاحتواء آثار سد النهضة
§ أولا: الخيار القانوني
§ ثانيا: الخيار التعاوني
د. نجلاء مرعي*
* باحثة سياسية متخصصة في الشئون الدولية – الإفريقية.