الهوية الثقافية في ظل الحرب الأهلية
نموذج هوية الإيبو الثقافية في نيجيريا (1967-1970)
تعتبر مسألة الهوية الثقافية من المسائل ذات الأهمية القصوى في فهم تاريخ الدول والشعوب، وفي حالة أفريقيا فإن مسألة الهوية الثقافية تتخذ اتجاهات وأبعاد متشعبة نظرا لتنوع المؤثرات المؤثرة على هذه الهوية من ثقافات محلية في مواجهة حداثة متزايدة، ومؤثرات أتى بها الاستعمار الأجنبي لدول القارة عبر قرون طويلة، ومحاولات تحقيق وحدة وطنية داخل الدول متنوعة الإثنيات والخلفيات الثقافية.
وكما هو معروف فقد شهدت دول أفريقيا، وللأسف لا تزال تشهد، حروبا أهلية ممتدة تعرضت خلالها الهوية الثقافية لدولها لمعوقات حالت دون تطورها، وحالت كذلك دون تيسير التقارب الثقافي بين الإثنيات المختلفة لكل دولة من دول القارة.
وتتناول هذه الورقة مسألة الهوية الثقافية لقبيلة الإيبو في ظل الحرب الأهلية التي تعرض لها إقليم بيافرا خلال
الفترة 1967-1970)، وتأتي أهمية هذا التناول من أن الإيبو يشكلون أحد أكبر ثلاثة جماعات إثنية في نيجيريا، الدول الأكبر عددا في السكان في القارة الأفريقية، وأكبرها عددا في إقليم بيافرا في ذلك الوقت. كما تكتسب هذه الورقة أهمية من حيث أن مسألة الهوية الثقافية لدى الإيبو لا تزال تمثل هاجسا قويا لديهم إلى الوقت الحالي، وتشكل عاملا مهما في توجيه السياسة النيجيرية بشكل عام.
وستنقسم الورقة إلى مقدمة وعدة نقاط تتناول تكوين الهوية الثقافية لدى الإيبو خلال الاستعمار البريطاني وفيما بعد استقلال نيجيريا عام 1960 حتى اندلاع الحرب الأهلية عام 1967، والحرب الأهلية النيجيرية وتأثيرها على مسألة الهوية الثقافية لنيجيريا بشكل عام، ثم أثر الحرب الأهلية على الهوية الثقافية لدى الإيبو في إقليم بيافرا، ثم الخلاصات المستفادة من دراسة هذه المسألة بالنسبة لدولة نيجيريا ذات الأهمية الكبيرة في القارة الأفريقية.
د/ نجمي رجب العربي ضياف[1]
[1] مدرس التاريخ الحديث والمعاصر- قسم التاريخ – جامعة طرابلس- ليبيا