جهود البعثة التعليمية الأزهرية فى إريتريا (1952-1966)
كانت إريتريا تجتاز مرحلة حرجة من تاريخها فى ظل الحكم الفيدرالى الإثيوبى؛ إذ حاولت أن تحتفظ بكيانها السياسى والاجتماعى والثقافى داخل النظام الفيدرالى الذى ربطها بإثيوبيا، فى حين حاولت الأخيرة أن تدمجها فيها وتمحو شخصيتها التاريخية والدينية والحضارية.
ولهذا يمكن أن ندرك أهمية الدور الذى أدته البعثة الأزهرية الموفدة إلى تلك البلاد – من الناحية الدينية والاجتماعية والثقافية – فى العمل على جمع الشعب الإرترى ووحدة صفوفه وتعاون شطريه المسلم والمسيحى على التعاون المثالى الذى شهدناه فى الحركة الوطنية فى مصر.
وقد بدأ عمل البعثة فى مدرسة الجالية العربية مع فتح الدور الثانى بها معهدًا دينيًا، كما عملت إلى جانب ذلك على إلقاء الدروس والعظات اليومية والأسبوعية فى المسجد الجامع بأسمرا، بالإضافة إلى الطواف بالأقاليم والقرى والمدن للوعظ والإرشاد ومحاربة موجات التبشير وتلبية الدعوات الخاصة والعامة بتلك الأقاليم. وقد كان للبعثة وضع مرموق فى عيون المسلمين عامة وكبار رجال الدولة والأعيان خاصة، وهو وضع الإعزاز والتكريم، وعلق عليهم أهل البلاد الآمال الكبار فى نشر رسالة الدين الحنيف ومحاربة التبشير.
وقد درجت السلطات الإثيوبية على الحديث عن بعثة الأزهر بأنها تتبع سياسة العنف فى الدعوة الدينية واتخاذ ذلك ذريعة لمنع المبعوثين الجدد، كما عملت على إنهاء عملها فى أسمرا. ولذلك رأى أهل الرأى من المسلمين فى البلاد ألا يغادر أحد من أعضاء البعثة إلى مصر إلا بعد أن يحل محله مبعوث جديد حصل على تأشيرة الدخول الإثيوبية، ووصل فعلاً إلى أسمرا واستلم عمله.
وبالتالى تحاول هذه الورقة إلقاء الضوء على جهود مصر التعليمية والثقافية فى هذه البقعة المهمة فى شرق أفريقيا فى ضوء وثائق الأرشيف المصرى والبريطانى، من خلال المحاور التالية:
أولاً- أوضاع الاريتريين التعليمية قبيل وصول البعثة المصرية.
ثانيًا- جهود البعثة التعليمية المصرية.
ثالثًا- موقف السلطات الإثيوبية من نشاط البعثة المصرية.
رابعًا- إنهاء عمل البعثة التعليمية المصرية عام 1966.
د. بدوى رياض عبد السميع
مدرس التاريخ الحديث والمعاصر
معهد البحوث والدراسات الأفريقية