تعدد اللغات الأفريقية و تاريخ استئناس الحيوان

الملخص

يعود استخدام علوم اللغويات في إعادة بناء تاريخ استئناس الحيوان فى أفريقيا، بدءا من تكهنات بارث (1862) عن انتشار تربية الحمام المنزلى و أسماء الكلب في أفريقيا، بينما حدد هاري جونستون في عام (1886) منهج إعادة بناء التاريخ الثقافى للبانتو من خلال اللغة مستخدما أسماء الدجاج كأحد الأمثلة.

و يمكن استخدام علوم اللغويات بطريقة متميزة لتسليط الضوء على التاريخ القديم الخالى من الوثائق، للتوصل إلى معرفة مراحل إستئناس الحيوانات الأليفة. فالحيوانات التى لها تاريخ قديم و مؤكد من الإستئناس، و لكن لا تعرف بداياته، من الجائز تتبعها من خلال مجموعات لغوية معينة.

تعدد اللغات الأفريقية و تاريخ استئناس الحيوان
تعدد اللغات الأفريقية و تاريخ استئناس الحيوان

لذا تستعرض هذه الورقة ما اقترحه بعض الباحثين بأن تعدد الفونيم الموجود فى اللغات الأفريقية و قلتها المضطردة كلما ابتعدنا عن مناطق انتشار هذه اللغات بالقارة، على أن اللغات ىالأفريقية هى أصل لغات العالم، و أنها نشأت منذ حوالى 70 ألف سنة ثم انتشرت و تشكلت فى بقية الأرجاء التى وصلت إليها. وينخفض كل من التنوع الوراثي و الشكل المظهري البشري، مع بعد المسافة عن أفريقيا، كما كان متوقعا من قبل المسلسل الإحصائى. و يبدو التأثير المؤسس من الاختناقات السكانية المتعاقبة خلال توسيع نطاق انتشارهم تدريجيا المصاحب لتقليل التنوع، والذي يقوم عليه تأييد نظرية الأصل الأفريقي للبشر المعاصرين.

و تظهر البحوث الأخيرة أن تأثيرا مؤسسا مماثلا قد عمل على ثقافة الإنسان مثلما على اللغة. و أظهر التحليل الإحصائى أن الفونيمات التى استخدمت في عينة عالمية من 504 لغة هى أيضا ذات ترتيب تسلسلى. و يتفق هذا مع نموذج مسلسل لغوى مؤسس و واسع التأثير ومن أصل يمكن الاستدلال عليه في أفريقيا. و تشير هذه النتيجة إلى توازي الآليات التي تصوغ كلا من التنوع اللغوي و الوراثي البشرى، كما أنها تؤيد الأصل الأفريقي للغات البشرية المعاصرة.

و من جهة أخرى، تتسق الأدلة اللغوية فى أفريقيا مع بداية إستئناس الخراف منذ ستة آلاف عام، ربما من قبل السكان البربر (الأمازيغ). و قد أوضح بلنش (Blench 2001) أن تشابه الأسماء الممتد عبر نطاق الساحل الأفريقى، يدل على أن إدخال إستئناس الخراف كان عن طريق مجموعة عرقية واحدة لديها إسم شائع للأغنام. ثم انتشر هذا الإسم تدريجيا مع تحوراته نحو الجنوب، مارا من اللغات الأفرو-أسيوية إلى النيلية-الصحراوية، و منها إلى لغات النيجر-كونغو. مع العلم بأن هناك إسم آخر مختلف تماما هو #ku مشتق من لغة الخواسان المركزية يمكن أن يكون ناشئا من تاريخ البدايات الأولى لاستئناس البقر و الخراف فى ناميبيا.

ا.د سمـير إبراهـيم غـبور

قد يعجبك ايضا
اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد