ملخص بحث أزمة الهوية الثقافية في إفريقيا
عانت دول القارة الأفريقية من الإستعمار وذاقت صنوفا شتى من ويلاته.وبعد نيل الدول الإفريقية إستقلالها أعلنت النخب الحاكمة في إفريقيا عن أهداف رئيسية تعهدت بتحقيقها تعلقت في مجملها بعملية” بناء الدولة” بالمفهوم الوطني وعملية “التنمية”. وأعتمدت تلك الدول في سعيها لتحقيق هذين الهدفين على عدد من السياسات والأبنية تفاوتت فيما بين الحكم المركزي السلطوي واللامركزية إلا ان القاسم المشترك بين كافه السياسات والممارسات إنها جميعا مستمده من خبرة المجتمعات الغربية بشقيها الرأسمالي والإشتراكي وفق الخبرة التاريخية والتحالفات والإرتباطات الدولية.
وعبر أربعين عاما من الممارسات القائمة على التطبيقات المشوهة للخبرات والنماذج الغربية في المجتمعات الأفريقية، لازم الفشل كافه التجارب نظرا لما شابها من عيوب هيكلية في التكوين والنشأة وإفتقارها إلى الحدود الدنيا من المتطلبات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية اللازمة لبناء الدولة. حيث أدى تمسك الدول الأفريقية بكيانها ووجودها الهش إستنادا إلى الدعم والرعايه الخارجية إلى تفويت فرصة إقامة كيان جامع للدول الإفريقية بالقارة السمراء ، حيث لم يكن هذا الطرح قائماً لدى العديد من النخب الحاكمة في الدول الإفريقية.
وقد أدى غياب المفهوم الجامع للأمه الإفريقية والتمسك بفكرة السيادة إلى بروز العديد من المشكلات الحادة في القارة ومن ابرزها أزمة الهوية الثقافية وما نتج عنها آثار وتداعيات.
إشكالية الدراسة
تتمحورمشكله الدراسة حول معاناة النظم الإفريقية من صراع سافر بين هويات ثلاث: وطنية وقومية ودينية تتجاذبه وتدفعه فى اتجاهات متعارضة الأمر الذي كان له جل الأثر على اللغة في إفريقيا كأحد المكونات الرئيسية للهوية الثقافية، بالإضافه إلى إشكالية العلاقة بين الداخل والخارج: حيث تبدو هذه العلاقة متداخلة إلى درجة انتفاء الحدود الفاصلة بين الداخل (الوطنى والقومى) وبين الخارج (الإقليمى والعالمى) وبطريقة تحد من قدرة النظم الإفريقية على التطور الذاتى المستقل، حيث مصالح النظم الحاكمة فى إفريقيا(المعتمدة فى أمنها أساسا على علاقاتها الخارجية وليس على شرعيتها المحلية) تبدو متداخلة وملتبسة مع مصالح القوى المهيمنة فى النظام الدولى.
أهمية الدراسة:
تبرز اهمية هذه الدراسة في كونها تلقي الضوء على واقع الهوية الثقافية في إفريقيا بجميع أبعاده وأشكاله وإبراز الأزمة التي تعيشها تلك الهوية في الوقت الحاضر خاصه في ظل عصر المعلوماتيه والتفجر المعرفي والإستعارة الثقافية والمتمثله في نقل كل ما جديد من الفكر الغربي مما يخلق إشكاليات للهوية الثقافية الوطنية نظرا لإختلاف الثقافات. وبالتالي فإن قضية الهوية الثقافية صارت مركزية في الفكر المعاصرإذ يرى المفكرون ضرورة صياغة هوية ثقافية معاصره ، الأمر الذي يستدعي وجود فلسفه قومية كشرط أساسي لتعميق الهوية الثقافية والتي لابد أن تعتمد على العناصر التالية: اللغة والتاريخ والمصالح المشتركة والدين. وتلعب اللغة دورا مركزيا ومحوريا في تشكيل الهوية الثقافية، فاللغة القومية ليست مجرد وسيلة تعبير وتفاهم بين إنسان وآخر، إنها بحكم منطقها وتاريخيتها وبناها وتراكيبها رابطة اجتماعية وأداة للتواصل بين الماضي والحاضر، وتمثل الذاكرة الحضارية ، وقوام الشخصية ومناط الأصالة، فهي المحيلة على الأصل لأنها أساس الهوية .
ولذلك نجد أن المجتمعات التي تشعر بهويّة واحدة تقوم بصياغة لغة خاصة بها، تحقق من خلالها تواصلها وتمكِّنها من التعبير عن ذاتها وتميز بين هويتها وهوية الشعوب الأخرى وطبيعة التواصل هذه هي التي تحدد هويتها..
تقسيم الدراسة:
وبناءعلى ما سبق سنقوم بتقسيم هذه الورقه إلى الآتي:
1- الإطار النظري للدراسة: مدخل إلى مفهوم الهوية الثقافية
2- المبحث الأول: نشاة وتطور الدولة الحديثه في إفريقيا
3- المبحث الثاني: العوامل المسببة لأزمة الهوية الثقافية في إفريقيا
4- المبحث الثالث: تداعيات أزمة الهوية الثقافية على اللغة العربيه في إفريقيا
5- المبحث الرابع: السيناريوهات المستقبليه لأزمة الهوية في إفريقيا
6- خاتمة الدراسة
د. رانية محمد طاهر عبدالوهاب[1]
[1] مدرس زائر للعلاقات الدولية – جامعة عين شمس
مصطلحات حديثة لا غنى عنها في التاريخ والسياسة وعلم الاجتماع