أروع قصيدة في الحنين في العصر الحديث
أروع قصيدة في الحنين في العصر الحديث
تعدّ هذه القصيدة من أجمع وأروع القصائد التي قيلت في الحنين، نظمها الشاعر السوري الراحل الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله.
ألقى هذا الشعر الجميل عندما سافر أطفاله وكان عددهم ثمانية إلى مدينة حلب في سوريا، واختلى بنفسه بعيدا عن الناس. وهذه الخلوة فجّرت ينابيع الحنين التي كانت في قلبه وأتي بهذه القصيدة المتميزة.
علما بأن هذه القصيدة ترجمت إلى عدة لغات عالمية.

وقد قال عباس محمود العقاد عن هذه القصيدة : “لو كان للأدب العالمي ديوان لكانت هذه القصيدة في طليعته “.
هذه القصيدة من الشعر الفصيح وهي من الواضحات لا تحتاج إلى شرح كما هو عادة الشعر.
هذه القصيدة تبرز نعمة الأطفال والأولاد ومكانتهم عند الآباء.

أين الضَجِيجُ العَذْبُ والشَغَبُ |
* |
أين التدارسُ شَابَهُ اللّعبُ |
أين الطفولةُ في تَوقُدِها |
* |
أين الدُّمى في الأرضِ والكتبُ |
أين التشاكسُ دون ما غَرَضِ |
* |
أين التَشاكي ما له سببُ |
أين التباكي والتضاحكُ في |
* |
وقتٍ معاً.. والحُزُن والطَربُ |
أين التسابقُ في مجُاورَتي |
* |
شَغَفاً إذا أكلوا وإن شَرِبوا |
يتزاحمون على مجالستي |
* |
والقربِ منّي حيثما انقلبوا |
يتوجّهون بسوق فطرتهم |
* |
نحوي إذا رهبوا وإن رَغبوا |
فنشيدهمْ بابا إذا طَرِبوا |
* |
وَوَعِيدُهم بابا إذا غضبوا |
وهتافهم بابا إذا ابتعدوا |
* |
ونَجِيُّهم بابا إذا اقتربوا |
بالأمس كانوا ملءَ منزلنا |
* |
واليوم وَيْحَ اليوم قَدْ ذهبوا |
وكأنما الصمت الذي هبطت |
* |
أثقاله في الدّار إذ غربوا |
إغفاءَةُ المَحْمُومِ هَدْأَتُها |
* |
فيها يشيع الهَمُّ والتَّعَبُ |
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم |
* |
في القلب ما شطّوا وما قربوا |
إني أراهم أينما اتجهت |
* |
عَيني وقد سَكَنوا وقد وثَبوا |
وأُحس في خَلدي تلاعبهم |
* |
في الدار ليس ينالهم نصبُ |
وبريق أعينهم، إذا ظفروا |
* |
ودموع حرقتهم إذا غلبوا |
في كل رُكْنٍ منهمُ أثَرٌ |
* |
وبكلّ زاويةٍ لهم صَخَبُ |
في النَافذاتِ زُجاجها حطموا |
* |
في الحائط المدهون قد ثَقَبُوا |
في الباب قد كَسروا مَزالجه |
* |
وعليه قد رسموا وقد كتبوا |
في الصَحْنِ فيه بعض ما أَكلوا |
* |
في عُلبة الحلوى التي نهَبوا |
في الشَطْرِ من تُفاحةٍ قضموا |
* |
في فضلة الماء التي سَكبوا |
إني أَراهُم أيْنما التفتت |
* |
نَفْسي كأسْراب القَطا سَرَبوا |
بالأَمس في قرنايل نزلوا |
* |
واليوم قد ضَمتْهُمُ حَلبُ |
دمعي الذي كتّمته جَلَداً |
* |
لما تَباكَوْا عندما رَكِبُوا |
حتى إِذا سَارُوا وقد نَزَعوا |
* |
من أضلعي قَلْبَاً بهم يَجِبُ |
أَلْفَيتُني كالطّفل عاطفةً |
* |
فإذا به كالغيث ينسكبُ |
قد يعجب العُذَّال من رجلٍ |
* |
يبكي ولو لم أبك فالعجبُ |
هيهات ما كل البُكا خَوَرٌ |
* |
إني وبي عَزْمُ الرّجال أَبُ |