عوامل انهيار حركة الشباب المجاهدين في الصومال
نشأة حركة شباب المجاهدين
تأسست حركة شباب المجاهدين في أوائل 2004، حيث كانت الذراع العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية التي انهزمت أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة غير أنها انشقت عن المحاكم بعد انضمامه إلى ما يعرف بـ”تحالف المعارضة الصومالية”، ولا يعرف تحديدا عدد أفراد هذه الحركة إلا أنه عند انهيار اتحاد المحاكم الإسلامية التي خلفتها حركات إسلامية من قبيل حركة الشباب قدر عددها بين 3000 إلى 7000 عضو تقريبًا. ويعتقد أن المنتمين إلى الحركة يتلقون تدريبات في إريتريا حيث يقيمون لستة أسابيع في دورة يكتسبون خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات.
ومع سقوط مدينة كيسمايو الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى التي ظلت وما تزال مطمع جميع الفصائل المتناحرة في الصومال، والتي كانت تحصل الحركة من ميناءها على نحو 2 مليون دولار شهريا من تصدير الفحم، فقدت الحركة أهم مدينة كانت في قبضتها رغم تصريحات قادة حركة الشباب بأن انسحابهم من مدينة كيسمايو ليس هزيمة منيت بهم، معتبرين أنهم اتخذوا قرار الانسحاب من المدينة لصالح المجتمع ولإنقاذ أرواح السكان المدنيين، وهو ما جاء على لسان عبد الرحمن أبو حذيفة، رئيس إدارة حركة الشباب في مدينة كيسمايو.
ويعتقد بعض المحللين أن حركة الشباب تبحث عن استراتيجية جديدة لمواصلة حربها ضد الحكومة الصومالية والقوات الأفريقية الداعمة لها، خاصة مع ما ذكره عبد الرحمن أبو حذيفة من أن انسحابهم من المدينة جزئي، وأنه توجد خلايا تابعة لهم في المدينة، في إشارة إلى قدرة الحركة على شن هجمات الكر والفر وعمليات اغتيالات ضد المحسوبين على الحكومة الصومالية وحلفائها.
فيما يعتقد البعض الآخر أن الحركة تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أعوام من إحكامها قبضتها على جنوب البلاد ووسطه، حيث باتت الحركة تسيطر الآن على 2% من الجنوب، بعد أن فقدت سيطرتها على أغلب محافظات الصومال الـ18، ويتوقع أن تندثر الحركة بشكل كامل وتخسر كل ما تسيطر عليه قريبا، وأرجع عدد من الخبراء تراجع نفوذ الحركة، التي طالما وصفتها التقارير الإعلامية بالأكثر تنظيما وتسليحا في الصومال، إلى عدة عوامل في مقدمتها المجاعة التي ضربت الجنوب وتشدد الحركة في رفضها أي قنوات التفاوض مع الحكومة الصومالية.
فيما أشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم لعام 2017، بأن حركة الشباب المجاهدين شهدت ضغوطًا عسكرية كبيرة خلال عام 2017؛ لكن الحركة لا تزال تحتفظ بالسيطرة على أجزاء كبيرة من الصومال، وقدراتها على تنفيذ هجمات وتفجيرات انتحارية وإطلاق قذائف الهاون وغيرها.
خطورة حركة الشباب على السلام والأمن والاستقرار في الصومال
أكدت تقارير مجلس الأمن أن حركة الشباب المتطرفة العنيفة لا تزال تشكل أكبر تهديد مباشر للسلام والأمن والاستقرار في الصومال، حيث ذكر التقرير الصادر في أكتوبر 2018 أنه رغم تصاعد الضربات الجوية التي تستهدف مقاتلي حركة الشباب وقادتها منذ يونيو ٢٠١٧، لم يحدث تدهور كبير في قدرة الجماعة على تنفيذ الهجمات غير المتناظرة في الصومال. فمنذ سبتمبر ٢٠١٧، قامت حركة الشباب بثماني هجمات كبرى بالأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع في مقديشو أودت بحياة ما لا يقل عن ٧٠٠ شخص، بما في ذلك التفجير المميت الذي جرى في مفترق طرق زوبي في ١٤ أكتوبر، وأدى إلى مقتل ما يصل إلى ٥٨٢ شخصًا.
وأشار التقرير إلى أن حركة الشباب تستمد إيراداتها من مجموعة متنوعة من المصادر المحلية، لا سيما الضرائب على المركبات والبضائع العابرة والضرائب التجارية والزراعية، وفرض رسوم الزكاة الإجبارية. والنظام المالي لحركة الشباب منهجي ومركزي، حيث توجه الإيرادات الآتية من الدوائر الإقليمية إلى المركز المالي في قونيو بارو، في مقاطعة جِلِب، بمنطقة جوبا الوسطى. ويتم بعد ذلك توزيعها على إدارات محددة تابعة لحركة الشباب.
انتهاكات الحركة للقانون الدولي الإنساني
تواصل حركة الشباب تطبيق عقوبات لا إنسانية ومهينة على المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك بتر الأطراف، والجَلد، وقطع الرؤوس، وعمليات الإعدام العلنية. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، تواصل حركة الشباب حملة اغتيالاتها للمدنيين، التي تستهدف بشكل خاص الموظفين الحكوميين وأوساط الأعمال التجارية وشيوخ القبائل والزعماء الدينيين، والأشخاص المتهمين بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
كذلك فقد واصلت حركة الشباب تجنيد الأطفال قسرًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها في جنوب ووسط الصومال. وفي آد، بمنطقة مُدق، على سبيل المثال، هاجمت حركة الشباب المدنيين عندما رفضوا التجنيد القسري للأطفال. وبالمثل، في مقاطعة أفجويي، بمنطقة شبيلي السفلى، كما هاجمت حركة الشباب جماعة باناني لرفضها محاولات تجنيد الأطفال وقامت الحركة لاحقا بتدمير قرية الجماعة والمزارع المحيطة بها.
وفي أوائل عام ٢٠١٨، أنقذت قوات الأمن الصومالية عددا من الأطفال المحتجزين لدى حركة الشباب. وفي ٢٥ يناير ٢٠١٨، على سبيل المثال، أُنقذ ٣٦ طفلا من أَسر حركة الشباب في مقاطعة ونلوين بمنطقة شبيلي السفلى، وأُرسلوا إلى مركز لإعادة التأهيل في مقديشو. وبالمثل، في ١١ أبريل ٢٠١٨، نُقل أطفال كانوا ملتحقين بمدرسة دينية تابعة لحركة الشباب في منطقة بيدوا إلى مرافق إعادة التأهيل في مدينة بيدوا.
الصراع بين حركة الشباب وداعش في الصومال
منذ إعلان مبايعة أفراد من حركة الشباب المنشقين عنها مبايعتهم لأبي بكر البغدادي، لم يتوانَ تنظيم الشباب المجاهدين عن إطلاق وعيد قاس لمن يعلن ولاءه للتنظيم أو حتى يُبدي تعاطفه معه، وهو الوعيد الذي تمثَّل في تنفيذ عملية إعدام ميدانية وهجمات ضد أفراد كانوا قد بايعوا تنظيم داعش في مناطق بإقليم شبيلي السفلي جنوب الصومال، وذلك بعد شهر من ظهور أتباع التنظيم في البلاد، كما أعدمت الحركة أحد قياديها ويُدعى محمد مكاوي السوداني نهاية ديسمبر عام 2015، ويبدو أن العداء مستفحل بين التنظيمين (داعش وحركة الشباب) وهو الذي نما في الفترة الأخيرة في صورة تسجيلات مرئية متبادلة بين الجانبين، تكون لغة التهديد والوعيد السمة البارزة في تلك التسجيلات، غير أن حركة الشباب تتمتع بنفوذ واسع يمكِّنها من أن تقوِّض جهود التنظيم لبسط سيطرته على القرن الإفريقي، ما يجعل تلك المناطق خالصة لأفراد الحركة الذين يواجهون مدَّ النفوذ العسكري الحكومي في الفترة الأخيرة.
وفي بداية ظهوره، هاجم تنظيم داعش في الصومال حركة شباب المجاهدين، ووصفها بأنها خرجت عن الطريق القويم ونسيت الهدف الأساسي في إقامة شرع الله. ودعت الجماعة الإرهابية الجديدة المقاتلين إلى ترك حركة الشباب وإعلان البيعة لتنظيم داعش، مؤكدة أن حركة الشباب أصبحت سجنًا نفسيًّا وجسديًّا للمجاهدين في شرق أفريقيا، وأن إعلان البيعة لتنظيم داعش هو فرصة كبيرة للمجاهدين في شرق أفريقيا لرفع راية الجهاد ضد أعداء الله.
وقد شكلت وعورة وعزلة جبال جوليس حماية طبيعية لمقاتلي داعش من المصير الذي انتهى اليه المنشقون الآخرون عن حركة الشباب الذين طاردهم الفرع الأمني في مخابرات الشباب وقتلهم أو أرغمهم على مغادرة الصومال. إلا أن مخابرات حركة الشباب نجحت في إفشال محاولات تنظيم داعش للسيطرة على الجماعات الجهادية في شرق افريقيا، حيث أطلقت حركة الشباب – التي تعلن ولاءها الفكري والأيديولوجي لتنظيم القاعدة وترفض الانضمام إلى داعش– حملة عسكرية في وقت مبكر للقضاء على أنصار داعش في الجنوب، وتمكنت من ذلك.
وعندما حسمت حركة الشباب معركتها مع تنظيم داعش في جنوب الصومال خططت أن تحسم صراعها مع الشيخ عبد القادر مؤمن في بونت لاند وتعزيز وجودها العسكري في جبال غالغالا بعد الانشقاق، فأرسلت قوة تبلغ 700 مسلحا إلى بونت لاند عن طريق البحر في مارس من هذا العام، إلا أن الخطة العسكرية فشلت، عندما اكتشفت حكومة ولاية بونت لاند هذا التحرك العسكري، وشنت حربا بلا هوادة على أولئك المسلحين.
وبعد مواجهات استمرت لأسبوع انهزم المسلحون في وادي سوج في محافظة نوغال شرق الصومال واعتقل نحو خمسين من أفرادهم، ووصل فلولهم إلى مناطق جنوب مدغ التي تديرها ولاية غلمدغ الإقليمية واندلعت اشتباكات عنيفة بين فلول المسلحين وقوات إدارة غلمدغ حيث تكبدت حركة الشباب خسائر فادحة في صفوف مقاتليها، وفقدت أكثر من مئة مسلح في القتال، كما تم أسر 110 من مقاتليها.
ووجد الشيخ عبد القادر مؤمن بعد هزيمة هؤلاء المسلحين فرصة سانحة للظهور العسكري، وتجنيد أتباع جُدُد يبلغ عددهم نحو مائة مقاتل، كما وجد تعاطفا محدودا من بعض القبائل المحلية في مناطق شرق الصومال النائية، ولم تشنّ حكومة ولاية بونت لاند عليه في بداية أمره حربا شرسا لكونها لم تر أنه يشكل تهديدا استراتيجيا عليها، بل ركزت على أنصار حركة الشباب التي بقيت في جبال غالغالا.
ومن جهتها تعهدت حركة الشباب الصومالية بمحو تنظيم داعش المسلح، متهمة إياه بإثارة مشاكل “لبقية المجاهدين”. وأعلنت حركة الشباب التي وصفت مسلحي داعش بـ”السرطان” -في بيان وعبر محطتها الإذاعية- أن الشباب سوف “تلاحق أي شخص على صلة بداعش”. وجاء في البيان المؤلف من ثلاث صفحات: “ما يطلق عليهم أعضاء داعش في الصومال، أثاروا اضطرابات ومشاكل عدة لبقية المجاهدين”.
وقال المتحدث باسم الشباب، علي محمد راجي، المعروف أيضا باسم علي دهري، لمحطة الأندلس الإذاعية: “سيفنا جاهز لقتال هذا السرطان والمرض المميت”. وأضاف: “على عكسنا.. لا يقاتل أعضاء داعش من أجل الله، ولكنهم هنا لتقسيم المسلمين لردعهم عن قتال الكفار”.
مستقبل حركة الشباب وشواهد انهيارها
إن طبيعة النشأة والتكوين العقدي الذي تقوم عليه والعمليات التي تنفذها حركة شباب المجاهدين كل هذا يشير إلى أن نهايتها المحتومة باتت أمراً وشيكاً في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي عامة. وكغيرها من التنظيمات المتطرفة التي تواجدت في العالم العربي والإسلامي والتي تتخذ من الدين ستارًا لتنفيذ عملياتها الإرهابية، تكمن عوامل انهيارها في تكوينها، وقد ظهرت عوامل انهيار الحركة على عدة مستويات، يمكن تلخيصها فيما يلي:-
أولاً: سلسلة الهزائم والخسائر الفادحة التي تكبدها تنظيم القاعدة على الأصعدة الدولية
على مدار السنوات الخمسة الماضية مُنيت هزائم نكراء متتالية بتنظيم القاعدة في الميادين القتالية الدولية، مما أدي الى فقدان معاقلها الرئيسية في كلٍّ من العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، حيث تراجع التهديد الدولي له بشكل ملحوظ كنتيجة لجهود دولية وإقليمية مبذولة في محاربة الارهاب والقضاء علي تنظيم القاعدة علي وجه الخصوص، وبالتالي فإن العمليات العسكرية الدولية نجحت في اختفاء تنظيم القاعدة عن الأنظار في بعض الدول كما هو الحال في العراق، أو انضمامه إلى تنظيم داعش كما هو الواقع في نيجيريا. وهذا بدوره سيؤثر سلبًا على بقاء حركة الشباب في الصومال وسط تراجع نفوذ تنظيم القاعدة الذي تنتمي إليه في ظل تنامي منافسة تنظيم داعش لها حتى في الصومال.
ثانياً: الانقسامات الداخلية لحركة الشباب خلال السنوات الأخيرة
برزت انقسامات حادة بشكل علنيٍ في صفوف حركة الشباب في عام 2013، بعد ان اختلفت قيادات المليشيات على تحديد الوسائل القمعية المستخدمة في تطبيق المنهج التكفيري لدي أوساط المجتمع الصومالي. وعلى هذا الأساس وبسرعة فائقة، انشقت قيادات تابعة للمليشيات، فيما قامت أيضًا بتصفية قيادات أخرى معظمهم من المقاتلين الأجانب في الفترة ما بين 2015- 2018. وهذا الواقع سيجعل تفكيك حركة الشباب وتراجع نفوذها في الصومال أمراً وشيكا ومحتوما.
ثالثاً: مقتل القيادات الروحية والميدانية للحركة
ففي عام 2008 لقي زعيم حركة الشباب المتطرفة آدم حاشي عيرو، مصرعه بغارة جوية استهدفته في مدينة طوسمريب بوسط الصومال. كما قُتل خلفه أحمد عبدي غودني بغارة جوية أمريكية مماثلة في عام 2014 بجنوب الصومال. فيما تؤكد مصادر أمنية مطلعة بوفاة الزعيم الأخير للحركة أحمد ديرية في مدينة جلب في العام الماضي 2018 بعد صراع مع المرض، حيث اخفقت الحركة في علاجه بالخارج نتيجة تشديد الخناق عليها من قِبل القوات الحكومية المطاردة لها.
وخلال العام الماضي أيضًا، أدت الهجمات التي تشنها قوات حكومية في جبهات مختلفة، على مقتل المئات من المقاتلين والقياديين في صفوف الحركة المتطرفة، ما سيؤدي بالضرورة إلي تعطيل شبكات قياداتها وتقييد حريتها وتقليل قدرتها علي التخطيط والتنفيذ لهجمات مستقبلية محتملة.
رابعاً: تجفيف مصادر تمويلها الخارجي
عقب هجوم حركة الشباب المتطرفة على المركز التجاري في نيروبي عام 2013، قابلها المجتمع الدولي بفرض اجراءات صارمة لمكافحة الارهاب تهدف الى خنق مصادر تمويل المليشيات المتطرفة التي لا يقتصر تهديدها علي الصومال فحسب، و إنما عابرة لحدود القارة السمراء. ونتيجة لتلك الحملة جففت منابع تمويل مليشيات الشباب القادمة من الخارج في السنوات الأخيرة خاصة من المحسنين المتعاطفين عليها في الشتات. غير أن فاجعة اقتصادية مؤلمة لحقت بها إثر الهزائم التي مُنيت بتنظيم القاعدة في سوريا والعراق والتي من أجله عجز عن تمويل نفسه ناهيك عن ارسال مبالغ مالية لمليشيات الشباب الفرع التابع له في الصومال، الأمر الذي يطرح السؤال ما مدي بقائها في الاعتماد على مصادر محلية شحيحة للغاية؟.
خامساً: تراجع أعداد المقاتلين الأجانب في صفوفها
أثبتت مصادر محلية ودولية تراجع تدفق المقاتلين الأجانب الى صفوف حركة الشباب وبشكل كبير على مدار السنوات الثلاثة الماضية للعوامل الثلاثة الرئيسية التالية:-
– انعدام الثقة بين قيادات الحركة وبين المقاتلين الأجانب فيما بينها خاصة بعد مقتل العديد منهم على يد الحركة نفسها، مما أدى إلى عجزها عن استقطاب وتجنيد المقاتلين الأجانب للانضمام إلى صفوفها.
– أيقن المقاتلون الأجانب بأن ما تدعيه قيادات الحركة من تطبيق الشريعة الاسلامية على الأرض، ليس إلا وهمًا يتم توظيفه لتحقيق أغراض ومكاسب دنيوية أو آنية بحتة.
– تشديد الأجهزة الأمنية الرقابة على الحدود البرية والمداخل الجوية والبحرية للبلاد بالإضافة إلى تعاون الدول الجوار التي تعاني هي الأخرى من أزمة الإرهاب العابر للقارات.
سادسًا: التجنيد القسري للمقاتلين محليين
بات التجنيد القسري الذي تمارسه حركة الشباب سائدًا لدى سكان المناطق التي تسيطر عليها الحركة، حيث تواصل وبشكل روتيني اختطاف شيوخ العشائر الصومالية مطالبة إياهم بتسليم عدد معين من شبابهم ليتم تجنيدهم لديها عبر تلك الطرق الملتوية، كما أن الحركة تقوم باختطاف الأطفال من الخلاوي القرآنية وتدربهم وتسلحهم لخوض معاركها ضج القوات الحكومية في مناطق متعددة من البلاد.
وتكشف هذه الطرق القمعية عن عجز حركة الشباب المتطرفة عن استقطاب المقاتلين المحليين عبر الكلمة المسموعة، مما يؤكد بأن عمر الحركة وبقاءها وسط المجتمع الصومالي أصبح قصيرًا.
سابعاً: تزايد التعاون السياسي والأمني المشترك بين دول القرن الأفريقي لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه
وبالفعل فان التقارب الاستراتيجي والأمني الذي يجري، وبوتيرة متسارعة بين الدول الثلاثة الأكثر ثقلاً في منطقة القرن الأفريقي (الصومال وإثيوبيا واريتريا)، ولا شك أنه سيقوض مستقبل التنظيمات الارهابية في المنطقة.
ووفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الإرهاب لعام 2017، كافحت قوة السلام الإفريقية حركة الشباب، ومنعت توسعها في مناطق أخرى، إلى جانب تطوير الحلول الإقليمية بحزمة مساعدات إنسانية ومحاولات لإدماج السكان، الذين سبق أن عاشوا تحت سيطرة الحركة في المجتمعات المحلية.
وتحظى بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال التي تشرف على قوة حفظ السلام الإفريقية، بدعم الأمم المتحدة للدفاع عن أمن واستقرار الصومال، وتعزيز قوات الأمن في قتالها ضد الحركة المتطرفة، وتضم نحو 22 ألف عنصر؛ مقارنة بنحو 7 آلاف إلى 9 آلاف مقاتل من حركة الشباب، وفقًا لتقديرات مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز بحثي أمريكي مستقل.
ولا تزال البعثة تلعب الدور الأكبر في تسهيل وصول المساعدات الدولية الإنسانية إلى مدن الصومال، وتقديم أشكال متعددة من الإغاثة لأعداد كبيرة من الصوماليين مع توفير نوع من الأمن والاستقرار في البلاد. ما يمكن تسجيله من إنجازات لقوة حفظ السلام الإفريقية، وبعثة الاتحاد الإفريقي التي تشرف عليها بعد أحد عشر عامًا من العمل في الصومال، أنها نجحت بالشراكة مع الحكومة الاتحادية الصومالية في إبعاد حركة الشباب المجاهدين عن المشهد السياسي، وإقناع المجتمع الدولي بتراجع قدرات الحركة على تهديد أمن واستقرار الصومال وانحسارها التدريجي.
بسام عباس الحومي
باحث في قضايا التطرف والإرهاب
الصومال.. الآمال والتحديات بعد الرئيس الجديد