اللغة الصومالية وتأثرها باللغة العربية
ملخص :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على اللغة الصومالية بشكل عام حيث إنها من أهم لغات القرن الإفريقى ، و التعرف على أهم مراحل كتابتها ، ومن ثم إبراز وضع ومكانة اللغة العربية فى الصومال ومدى تأثر اللغة الصومالية بها ، والاستدلال على ذلك من خلال عرض بعض المفردات ذات الأصل العربى التى دخلت إلى اللغة الصومالية وأصبحت جزءًا أصيلًا فيها .
مقدمة
مما لا شك فيه أن اللغة الصومالية واحدة من أهم اللغات الحية فى القرن الأفريقى وهى لغة رسمية فى جمهورية الصومال مع اللغة العربية ، تنتمى اللغة الصومالية إلى اللغات الأفروآسيوية ويتكلم بها نحو 15 مليون صومالى يتركز معظمهم فى الجمهورية الصومالية وإقليم الأوغادين وجمهورية جيبوتى وإثيوبيا وكينيا .
وهي اللغة الوطنية والرسمية بالصومال ، ولا يتكلمها بطلاقة إلا صومالى سواء كان فى هرجيسيا أو كيسمايو أو مقديشو أو فى جيبوتى ، ويتفاهمون بها وإن قل استعمالها لقدمها ولكن لا يزال بعض من المدجان يتحدثونها بطلاقة نوعاً ما ، وتُسمى لغة سومالي (Af -soomaali) وهي أساس اللغة الصومالية الحالية .
وتوجد بعض اللهجات التي يتكلمها الصوماليون ، فمثلاً تختلف اللهجات التي يتكلمها الصوماليون حسب مناطقهم وتوجد أقليات صغيرة جداً تتكلم بالسواحيلية ، وبسبب الاحتلال الإيطالي والإنجليزي للصومال فإن اللغتين الإيطالية والإنجليزية معروفتان لدى الصوماليين في الآونة الأخيرة ولكن لا تستخدم إلا في نطاق ضيق .
أهم مراحل كتابة اللغة الصومالية :
فقد مرّت كتابة اللغة الصومالية بمراحل تاريخية مهمة ، فقبل الاستعمار إلى جانب اللغة العربية كان الصوماليون يستخدمون الحرف العربي لكتابة لغتهم ، وكانت هناك محاولات لكتابة اللغة الصومالية بالحرف العربي ، لكن مجيء الاحتلال الأوروبي ومحاربته لكلّ ما يربط الشعب الصومالي باللغة العربية والثقافة الإسلامية أدى إلى أن تنحصر اللغة العربية في العلوم الدّينية وفي الحلقات التعليمية في المساجد، وأصبحت لغة الاستعمار هى اللغة الرسمية للدّوائر الحكومية الاستعمارية ، ولم يأل الاستعمار جهدا في وضع أبجدية لاتينية للغة الصومالية إلاّ أن محاولاته باءت بالفشل .
فقد بذلت لجنة كتابة اللغة الصومالية جهودا كبيرة خلال الفترة ما بين عامي 1970- 1972 وحققت انجازا ملموسا رغم العقبات التي كانت تعتري طريقها ، وكانت أكبر عقبة واجهتها اللجنة : الجدل القديم والمتجدد حول ما اذا سيتم كتابة اللغة الصومالية بالحروف اللاتينية أو الحروف العربية التي اعتادها المثقفون الصوماليون باستخدمامها في كتابة رسائلهم ، وهناك الكثير من المخطوطات المكتوبة تدل على ذلك .
وبعد مناقشات ومداولات حادة بين أعضاء اللجنة حول الحروف التي ستكتب بها اللغة الصومالية في ظل طرح عدد من الأبجديات مثل الأبجدية العربية والعثمانية والأبجدية اللاتينية اتفقت اللجنة في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 1972 على كتابة اللغة الصومالية بالحروف اللاتينية ، كما تمكنت اللجنة من اعداد مجموعة من الكتب المدرسية للمراحل الإبتدائية من بينها كتب قواعد اللغة الصومالية.
وضع ومكانة اللغة العربية فى الصومال :
اللغة العربية أينما تحل تجد ترحابًا شديدًا من أهل البلد التى تحل فيها ؛ وذلك لأنها لغة القرآن الكريم ، ولا شك أن تاريخ اللغة العربية في الصومال يمتد منذ زمن سحيق ، حيث يؤرخ بعض الباحثين أنها سبقت دخول الإسلام في المنطقة ، وعرف سكان المنطقة اللغة العربية من احتكاك التجار والمهاجرين الأوائل الذين أوفدوا إلى الصومال في فترات متلاحقة لأغراض تجارية ، وأخرى أمنية بعد منتصف القرن الأول الهجري.
وقد كانت اللغة العربية تتربع مكانة رفيعة في قلوب الصوماليين لما لها من طابع قداسة ، لأنها لغة مصادر التشريع في الإسلام ، ( القرءان والسنة وما بعدهما ) ولأنها لغة هوية عند المسلمين أكثر منها لغة التواصل .
فكتبت اللغة الصومالية – كغيرها من لغات الشعوب الإسلامية – بالحرف العربي لعقود طويلة كما أوضحنا ، ثم تغير الأمر وتحولت كتابتها إلى الحرف اللاتيني في السبعينيات من القرن الماضي ، ومنذ ذلك التاريخ بدأ نجم اللغة العربية في الصومال بالأفول .
ورغم ذلك إلا أن اللغة العربية تعتبر لغة رسمية ووطنية للبلاد ، يجيدها غالبية الشعب الصومالى إجادة تامة ، و يتحدث بها معظم العلماء والمثقفين كما يفهمها الناس عموما ؛ وذلك لقدم الروابط التى تربط الصومال بالوطن العربى بالإضافة إلى التأثير الواسع للإعلام العربى المنتشر بالبلاد ، وكذلك التعليم الدينى الذى يتلقاه الصوماليون فى الصغر بسبب نظام التعليم غير الرسمي في حلقات المساجد ، أما الحديث اليومي بها فينحصر على المهاجرين الجدد والذين لم يمض أكثر من قرن على هجرتهم ، ويتركزون في المدن الساحلية ولا سيما في مقديشو ، وفي مدينة “جماما” القريبة من كسمايو يتحدث الجميع باللهجة اليمانية الحضرمية العربيه لتأثرهم بالمهاجرين الحضارم اليمنيين الذين سكنوا الصومال .
أثر اللغة العربية على اللغة الصومالية :
قد أسفرت تلك العلاقات التجارية بين العرب والأفارقة منذ القدم عن دخول بعض المفردات العربية إلى تلك اللغات ، والتى يأتى فى مقدمتها اللغة الصومالية .
ج
فقد امتد اتصال العرب إلى الصومال ، فنتج عن هذا التواصل أن دخلت مفردات عربية كثيرة إلى اللغة الصومالية وخاصةً المفردات الإسلامية ، حيث إن الصومال من أكبر البلدان الإسلامية فى القارة الإفريقية .
ونعرض هنا لبعض المفردات ذات الأصل العربى التى دخلت اللغة الصومالية وأصبحت جزءًا أصيلًا فى مفرداتها ، ومنها :
الكلمة العربية | الكلمة الصومالية | الكلمة العربية | الكلمة الصومالية |
أمانة | Amaano | حق | Xaq |
إيجار | Ijaar | حكمة | Xigmad |
إيمان | Liman | حلال | Xalaal |
باب | Albaab | خيانة | Khiyaano |
باطل | Baadil | دين / عقيدة | Diin |
بيع | Beec | ركوع | Rukuuc |
ثواب | Sawaab | زكاه | Sako |
جهاد | Jihaad | سبورة | Sabuurad |
حجاب | Xijaab | سجود | Sujuud |
حرام | Xaaraam | سماء | Samo |
حفلة | Xaflad | سنة | Sanad |
سياسة | Siyaasad | فرحة | Farxad |
سيف | Seef | فكر | Fikir |
شر | Shar | كتاب | Kitaab |
شيطان | Shayddaan | مال / ثروة | Maal |
صبح | Subax | محراب | Mixraab |
صدقة | Sadaqo | مسجد | Masjid |
صلاة | Salaad | مسطرة | Mastarad |
صوم | Soon | معجزة | Mucjiso |
طاعة | Daaco | معلم | Macallin |
طهارة | Dahaaro | مغرب | Mayrib |
ظلم | Dulmi | مقص | Maqas |
عدالة | Cadaalad | نكاح | Nikaax |
عدة | Ciddo | هدية | Hadiyad |
عروس | Aroosad | واجب | Waajib |
عشاء | Casho | ورقة | Warqad |
غنيمة | Qaniimo | وزير | Wasiir |
وبالإضافة إلى الكلمات العربية التى دخلت فى اللغة الصومالية وأصبحت جزءًا أساسيًا فى مفرداتها انتشرت الثقافة الإسلامية أيضًا وتغلغلت فى جنبات الأدب الصومالى وبصفة خاصة فى الشعر .
فمعظم الشعر الصومالى يدور فى فلك الأغراض الدينية والسياسية ، وقد قام بعض الشعراء الصوماليين بكتابة أشعارهم بحروف عربية .
خاتمة
ختاما ينبغي الإشارة إلى أنّ اللغة من أهمّ مقوّمات الأمم والشعوب مما يعني أن ضعف لغة قوم يدلّ على ضعفهم ، وقوّة لغتهم تدلّ على قوّتهم .
وتظهر قوّة اللغات في قدرتها على استيعاب التطورات والمصطلحات العلمية إلى جانب ثرائها الأدبي واللفظي ، وعليه فإنّ القائمين على تطوير كتابة اللغة الصومالية ينبغي لهم الإتيان بسياسة تقوم على مراعاة وتطوير اللغة الصومالية دون الحساب على اللغة العربية والتي يمكن أن يقال عنها أنها أقدم من اللغة الصومالية في هذه البلاد .
ويرى البعض أنّ اختيار الأبجدية اللاتينية كان ضربة مسددة على ثقافة هذ المجتمع ولغته ، ولا يمكن الآن التراجع عن الأبجدية اللاتينية بعد هذا الكم الهائل من الإنتاجات العلمية والأدبية والفنية التي كتبت بها ، وهذا ما يجعل الحاجة ملحة لإيجاد طريق وسط يحفظ للغة العربية مكانتها ولا يضيع إنجازات اللغة الصومالية بأبجديتها اللاتينية التي حفظت الهوية الصومالية حتّى الآن .
والله ولى التوفيق
المراجع
- بابكر حسن محمد ، الأثر العربى فى اللغات والثقافات الإفريقية ، أعمال المؤتمر الدولى الثانى : اللغة والثقافة فى أفريقيا – معهد البحوث والدراسات الأفريقية – جامعة القاهرة 2008م .
- صبرى إبراهيم على سلامة ، محاضرات فى أثر الثقافة العربية والإسلامية فى الآداب الأفريقية .
- عبد الرحيم علمى ، اللغة العربية فى الصومال الواقع والمأمول أبريل 2015 .
- عمر محمد معلم حسن ، اللغة الصومالية : تاريخها ، كتابتها ، ودورها فى حفظ الهوية الصومالية ، ” مركز مقديشو للبحوث والدراسات ” 23 فبراير 2019 .
- مؤمن يوسف عالم جيلى ، تعلم معى الصومالية ، ط1 ، مصر ، القاهرة 2016 .
إعداد الباحثة
زينب حمزة محمد أحمد
قسم اللغات الافريقية
( دكتوراه – دراسات لغوية – لغة الهوسا )
كلية الدراسات الإفريقية العليا