الإسلام في الصومال

الإسلام في الصومال

الصومال :

تشغل جمهورية الصومال الديموقراطية أو الصومال الكبير بالتعبير الأشهر لدى العالم الخارجى , نتوءآ على شكل مثلث في المنطقة المعروفة باسم “القرن الأفريقى” تبلغ مساحته نحو 246,135 من الأميال المربعة . ومن هنا يكتسب هذا البلد أهمية استراتيجية بالغة , فضلا عما يتيحه هذا الموقع من إمكانيات تجارية واقتصادية . فعلى امتداد ساحل يصل طوله إلى حوالى 1200 ميل يمكن أن يصبح هو وساحل خليج عدن أساسا لسياحة مزدهرة , وتزخر المياه القريبة منه بأنواع شتى من الثروة البحرية , يطل الصومال على المحيط الهندى الذى يفتح آفاق الإتصال مع العالم بوجه عام ومع جنوب آسيا والشرق الأقصى بشكل خاص . هذا من جهة ومن جهة أخرى تواجه الجمهورية خليج عدن الذى يشكل المدخل الرئيس إلى البحر الأحمر ومنه إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس وبذلك تتصل إتصالآ بحريآ مباشرآ بالشرق الأدنى والشمال الأفريقى وجنوب أوروبا .

لمحة تاريخية عن الإسلام في الصومال :

يمتد تاريخ الإسلام في القرن الأفريقى إلى اللحظات الأولى لظهور الدين الجديد في شبه الجزيرة العربية , ودخل الإسلام منذ أيامه الأولى , وفى الواقع تاريخ دخول الإسلام في الصومال هو موضع اختلاف كثير من الكتاب والمؤرخين المعاصرين , فاختلفت آراؤهم وتباينت وجهات نظرهم لعدم توفر المعلومات التى تحدد ذلك التاريخ , والمعتقد  أن أرجح الأدلة وأقربها إلى الحقيقة ماذهب إليه بعض المؤرخين من أن الإسلام ظهر في الصومال قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة عن طريق الصحابة المهاجرين إلى الحبشة ,عندما اضطهد المسلمون الأوائل هاجر قسم منهم إلى بلاد الحبشة وحماهم النجاشى حينما أراد وفد قريش إرجاعهم إلى بلادهم ليلاقوا من أنواع الاضطهاد و العذاب ما لاقى إخوانهم المؤمنون .

وأوضح دليل على أقدمية الصومال في الإسلام المخطوطات العربية التى عثر عليها في بعض مقابر مقديشو والتى يعود تاريخها إلى بداية العصر الإسلامى ولاشك أن العثور على آثار إسلامية ذات قيمة تاريخية أمر محتمل جدآ إذا ما أجريت حفريات وأبحاث أثرية في مدن الصومال القديمة .

كانت الصلة وثيقة جدآ منذ فجر التاريخ بين شبه الجزيرة العربية وبين شرق افريقيا بما فيها الصومال وكانت هجرة قبائل كثيرة من جنوب الجزيرة قد حدثت واستقر بعضها في افريقيا كما أن التجارة كانت أساس هذه الصلة الواسعة . غير أن الأحباش قويت  دولتهم بعد انتشار المسيحية فسيطروا على بلاد اليمن وأرادوا غزو بيت الله الحرام أيام إبرهة الحبشى ولكنه هزم على أبوابه شر هزيمة .

وأخيرا خرج الأحباش من بلاد اليمن على يد سيف بن زى يزن , وبقى الاتصال قائما بين بلاد العرب وشرق افريقيا على ممر التاريخ.

وبعد أن تأسست الدولة العربية الإسلامية الكبرى ازدادت الصلة رسوخآ بين بلاد العرب وشرق أفريقيا ولم تعد التجارة هى عامل الصلة الأول وإنما أصبح الدين هو الرباط الوحيد الذى يربط بين الأجزاء . وكان انتشار الدين الاسلامى يزداد يوما بعد يوم في تلك الأرجاء من أفريقيا , وبقيت بلاد الصومال وشرق أفريقيا مرتبطة بالدولة العربية الإسلامية بكافة مراحلها وعصورها .

الإسلام في الصومال
الإسلام في الصومال

فقد خضعت إلى العباسيين بعد زوال حكم الأمويين وبقى انتشار الإسلام يزداد يومآ بعد يوم في تلك الأرجاء وانتقل قسم من زنوج هذه الأمصار إلى العراق ليعملوا فيها واستقر قسم كبير منهم في الجنوب حول البصرة .

وتعد الصومال في الزمن القديم مركزآ تجاريآ بين دول العالم القديم , ويرجح المؤرخون أن الصومال قديمآ هى مملكة البنط التى كانت تربطها علاقة وثيقة بمصر أيام حكم الفراعنة , وازدهرت حضارتها وتقدمها بدخول أهلها في الإسلام وهجرة المسلمين إليها من كل مكان وصار لبعض مدنها كمقديشو وبربرة وزيلع يد الطول في التحكم بالتجارة هناك .

وحينما قام المؤرخ العربى الرحالة ابن بطوطة بزيارة الصومال في القرن الرابع عشر تأثر باآداب العربية والمدارس العربية في الصومال , ومازال المعلمون في مدارس القرى يعلمون القرآن الكريم والفقه والتشريع الإسلامى  .

وفى  الحملة الإستعمارية التى قادتها الدول الغربية على الشرق وبدعوى الإكتشافات الجغرافية المزعومة , حاولت البرتغال وتمكنت لفترة من بسط نفوذها على السواحل الشرقية لقارة أفريقيا للتحكم في طريق رأس الرجاء الصالح , ولكن استطاع المسلمون هناك وبمساندة الخلافة العثمانية وبعض الدول الإسلامية أن يقضوا علي الوجود الاستعمارى هناك .

ولقد كان لوصول الإسلاميين في الصومال إلى سدة الحكم وقعآ مدويآ سواء داخل الصومال أو خارجه , ذلك لأن البلد الذى مورست فيه كل التجارب العسكرية والسياسية من القوى الإقليمية والدولية للسيطرة على مقاليد الأمور به ودعم استقراره باءت جميعها بالفشل واستطاع إسلاميوه -عبر تجربة ثرية تقلبت بها الحركة الإسلامية الصومالية من الدعوة والتعليم والتربية إلى المواجهة العسكرية المسلحة – الوصول إلى السياسة في الصومال التى ظلت جامدة لفترات طويلة .

مراكز الدعوة الإسلامية في الصومال :

من المدن الصومالية التى كانت مركزآ لإنطلاق الدعوة الإسلامية مدينة زيلع وهى تقع في الشمال الغربى على ساحل خليج عدن المقابل لدولة جيبوتى , وقد مر على المدينة الرحالة ابن بطوطة وكذلك المقريزى وغيرهم , وكانت مركز سلطنة إيفات وهى عاصمة إقليم أودل تحيط المياه بالمدينة من ثلاث جهات وتقع في منطقة رملية شبه صحرواية تبعد عن بربرة 170 ميلآ إلى الجنوب الشرقى وتبعد عن هرر 200 ميلآ إلى الغرب .

وكانت زيلع بوابة للإسلام في القرن الأفريقى وشرق أفريقيا , يقال إن فيها آثار أول مسجد بنى في قارة أفريقيا وهو ذو قبلتين إحداهما متجهة إلى القدس الشريف والأخرى إلى مكة المكرمة , مر عليها العديد من العلماء وأجداد بعض القبائل الصومالية ومنهم الشيخ إسحاق بن أحمد , كما انجبت العديد من العلماء ومنهم الشيخ عبدالله الزيلعى وكان لعلماء زيلع دور رائع في بناء الحضارة الإسلامية في شرق أفريقيا .

الباحثة: مروة محمود عبده – طالبة دراسات عليا
ماجستير – قسم اللغات – كلية الدراسات الإفريقية العليا
جامعة القاهرة

—————————————————————–

المراجع

  • محمود شاكر (1964)   : الصومال .مكتبة دار الفتح : دمشق .

  • راشد البراوى (1973) : الصومال الجديد:فلسفة وأمل. مكتبة الأنجلو

    المصرية : القاهرة .

  • أحمد عمرو (2010)      : إسلاميو الصومال .. تداعيات الواقع   وسيناريوهات المستقبل .المركز العربى  للدراسات الإنسانية , العدد (14).

  • أشرف العزازى , محمد نوفل (2014) :التعدد اللغوى واللهجى في الصومال . القاهرة .

مؤمن يوسف عالم جيلى

قصة اليهودي الماكر مع راعي الغنم ومحاولة تشكيكه في القرآن

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد