لماذا سميت الصومال بهذا الاسم وما أصل الصومال وموقعها
الصومال دولة تقع في القرن الأفريقي، تحدها إثيوبيا من الغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن من الشمال، والمحيط الهندي من الشرق. وتشتهر بموقعها الاستراتيجي على طول الساحل الشرقي لأفريقيا وسواحلها الطويلة التي تمتد لنحو 3333 كيلومترا (2071 ميلا). تتمتع الصومال بتراث ثقافي غني متأثر بالتقاليد العربية والفارسية والهندية والأفريقية. تتميز الثقافة الصومالية بتراثها الرعوي البدوي، والعادات الإسلامية، والأشكال الفريدة من الموسيقى والرقص والمأكولات. وعلى الصعيد السياسي، واجه الصومال تحديات كبيرة، بما في ذلك الحرب الأهلية، وعدم الاستقرار السياسي، والأزمات الإنسانية. وقد شهدت البلاد فترات من الصراع وعدم الاستقرار منذ الإطاحة بحكومتها في عام 1991. ولا تزال الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والحكم مستمرة، بما في ذلك تشكيل حكومة اتحادية في عام 2012، على الرغم من استمرار التحديات. اقتصاديًا، يعتمد اقتصاد الصومال بشكل أساسي على الزراعة وتربية الماشية وصيد الأسماك. كما أنها تتمتع بموارد طبيعية محتملة مثل النفط والغاز، على الرغم من أن استغلال هذه الموارد كان محدودا بسبب الوضع السياسي والمخاوف الأمنية. الصومال هي موطن لمجموعات عرقية ولغات متنوعة، والصومالية هي اللغة الرسمية. الإسلام هو الدين السائد، وأغلبية الصوماليين هم من المسلمين السنة.
الصومال أصلها وموقعها بين الدول العربية والأفريقية
ظهور كلمة ” الصومال ” وأصلها:
يذكر كل من سعدية توفال، وإنريكو شيرولي: أن أول إشارة لكلمة الصومال وردت في أنشودة حبشية تخلد انتصارات النجاشي إسحاق، ملك الحبشة (1414-1429) على مملكة إفات، إحدى الممالك الإسلامية في منطقة القرن الإفريقي التي سقطت بأيدي الأحباش عام 1415م([1])، وعقب ذلك ترددت كلمة الصومال كثيراً في كتاب فتوح الحبشة للمؤرخ اليمني عرب فقيه([2]) الذي عاصر أحداث الحروب الإسلامية المسيحية في المنطقة في القرن السادس عشر الميلادي.
ويذكر بأن الباحثين اختلفوا في تحديد معناها، وهناك آراء كثيرة مختلفة منها :
الرأي الأول: يرى أن كلمة الصومال مكونة من حرف وفعل وهما Soo وMaal، ومعناها احلب، حيث كان سكان الصومال أصحاب مواش وكانوا يقدمون لضيوفهم الحليب دائما.
الرأي الثاني : أن كلمة الصومال مأخوذة من وادى الصومال في اليمن حيث هاجر منها الجد الأكبر للصوماليين.
الرأي الثالث : أن كلمة الصومال مأخوذة من اسم لمدينة أو جزيرة قديمة كانت في منطقة شمال شرق الصومال والتي كانت تسمى (Samaale).
الرأي الرابع :أن كلمة الصومال مأخوذة من الكلمة العربية (ذومال) التي كان يلقب بها الجد الأكبر للقبائل الصومالية، وبعد مرور الزمن تم تحريف كلمة (ذومال) إلى (صومال).
ومن الواضح أن هذه الآراء اعتمدت على التفسيرات اللغوية والتأويلات اللفظية التي غالباً ما يلجأ إليها الناس لمعرفة ما أشكل عليهم من معاني الكلمات، كما أنه من الممكن القول بأن هذه التفسيرات لم تستند إلى أدلة تاريخية يمكن الاعتماد عليها، ولم ترتكز على أسس علمية منطقية يمكن قبولها، وفي الغالب فإن مصدر هذه الآراء هو الروايات الشفهية المتداولة بين الصوماليين أو خيال الباحثين الذين حاولوا تحديد المعنى الأصلي لهذه الكلمة(1).
الموقع الجغرافي وما موقع الصومال؟
تقع الصومال في منطقة القرن الإفريقي في شرق القارة الإفريقية , يحدها من الشمال البحر الاحمر وخليج عدن , ومن الشرق المحيط الهندي والجنوب الغربي إثيوبيا وكينيا , ويمتد بين خطي عرض (1 ْ) جنوباً الى (13 ْ) شمالاً , وبين خطي طول (40 ْ) الى (51 ْ) شرقا .
وتبلغ مساحة الصومال حوالي (637,657) كيلو مترا مربعا , وتمتد هذه المسافة على السواحل لمسافات طويلة على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، وتطل الصومال على المحيط الهندي بساحل طوله (1800) كيلو مترا وعرضه (450) كيلو مترا , بينما يبلغ طول الساحل الشمالي المطل على خليج عدن ( 1200 ) كيلو مترا وعرضه ( 170 ) كم , وبذلك تتحكم الصومال في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر (2) .
وتُعد الصومال في الزمن القديم مركزاً تجارياً بين دول العالم القديم ، ويرجّح المؤرخون أن الصومال قديماً هي نفسها مملكة البنط القديمة التي كانت تربطها علاقة وثيقة بمصر أيام حكم الفراعنة.
وازدهرت حضارتها وتقدمها بدخول أهلها في الإسلام ، وهجرة المسلمين إليها من كل مكان ، وصار لبعض مدنها كمقديشو وبربرة وزيلع اليد الطولى في التحكم بالتجارة هناك.
وحينما قام المؤرخ العربي الرحّالة ابن بطوطة بزيارة الصومال في القرن الرابع عشر تأثر بالآداب العربية والمدارس العربية في الصومال، وما زال المعلمون في مدارس القرى يعلمون القرآن الكريم والفقه والتشريع الإسلامي، وتوجد كليات متنقلة متجولة تعرف باسم “الحِر” ، لتزويد المتعلمين بدراسات متقدمة في اللغة العربية على يد فقهاء وعلماء متخصصين في العلوم الإسلامية واللغة العربية(1).
وفي المدن الكبرى والصغرى ظهرت مدارس عربية خرّجت كثيرا من أبناء الأمة على قدر كبير من الأدب العربي الذين كتبوا قصائد بالعربية وتتضمن قصائد صوفية ذات عمق وتصور شعري بارع، وظهر من الصوماليين معلمو اللغة والنحو والأدب وعلماء وشيوخ في الفقه والتشريع الإسلامي على قدر كبير من المعرفة باللغة العربية؛ لذا كانت في الماضي وإلى حين قيام “دولة سياد بري” لغة واسعة الانتشار في داخل الوطن ، وفي الاتصال بالعالم الخارجي حتى أصبحت هناك جريدة للدولة تصدر يوميا باللغة العربية بالإضافة إلى البرنامج العربي بالإذاعة .
لم تزل الصومال ودول القرن الأفريقي محط أنظار الغربيين لتحكمها في المياه الدولية وما زالت الأطماع للسيطرة عليها مستمرة .
وفي الحملة الاستعمارية التي قادتها الدول الغربية على الشرق وبدعوى الاكتشافات الجغرافية المزعومة ، حاولت البرتغال وتمكنت لفترة من بسط نفوذها على السواحل الشرقية لقارة أفريقيا للتحكم في طريق رأس الرجاء الصالح ، ولكن استطاع المسلمون هناك وبمساندة الخلافة العثمانية وبعض الدول الإسلامية أن يقضوا على الوجود الاستعماري هناك .
وبعد فتح قناة السويس أصبح للوطن الصومالي الذي يقرب من باب المندب الأهمية البالغة ليتنافس عليه المستعمرون، ويلهثوا خلف أطماعهم وجشعهم، وتمكنت كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا بالإضافة لأثيوبيا وكينيا من بسط نفوذهم والسيطرة على ثروات البلاد وتقسيم أراضيها بينهم، حيث استولت إثيوبيا على إقليم أوغادين وكينيا على إقليم أنفدي.
وهكذا استمروا حتى تقلص النفوذ إلى الجزئين الشمال الذي كانت بريطانيا تستعمره، والجنوب الذي كان تحت استعمار إيطاليا، حتى استقلت الصومال سنة 1960م وكونت نظام حكم جمهوري ديمقراطي .
ومنذ الاستقلال بدأت الحكومة الجديدة التي تشكلت في الصومال في المناداة بإقامة كيان سياسي موحد يضم أرض “الصومال الكبير” استجابة لرغبة جامحة تتأسس على مفهوم لم شمل الصوماليين الموزعين على الدول المجاورة، مما أدى إلى حروب طاحنة بينها وبين إثيوبيا على إقليم أوغادين فيما بعد.
وفي عام 1969م وقع انقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري أطاح بحكم عبد الرشيد شيرماكي، وأعلن سياد بري على الفور أن نظام حكمه يقوم على المبادئ الشيوعية، وحكم البلاد بيد من حديد، وفرض سياسة القمع والشدة على كل معارضيه وساعده على ذلك الاتحاد السوفياتي.
وفي عام 1991م سقط نظام سياد برّي الشيوعي ، بعد حرب دموية سببت مجاعة أودت بحياة الكثير، بعدها دخلت الصومال في دوامة الحروب الأهلية التي قضت على الأخضر واليابس.
وفي أواخر عام 1992 دخلت القوات الأمريكية في الصومال ومعها قوات دولية عديدة في عملية أطلق عليها “عملية إعادة الأمل” لإنقاذ الشعب الصومالي من المجاعة والحرب الأهلية، وتبنت الدول الغربية تلك العملية عن طريق مجلس الأمن لإعادة الأمن والاستقرار في ربوع الصومال وإعادة بنائه، وأعلنت أنها تدعم العملية عسكريا واقتصاديا.
وقادت أمريكا هذه العملية وأرسلت 30,000 من جنودها وبهذا تكون صاحبة نصيب الأسد في عدد القوات المشاركة في عملية إعادة الأمل(1).
ثم جاءت مقاومة شرسة ضد هذه القوات من طرف المليشيات الصومالية المتواجدة في مقديشو، وحدث اشتباك شديد بينها وبين القوات الأمريكية وتكبدت أميركا خسائر فادحة وأدى ذلك إلى انسحاب قواتها
وفي سنة 2006م جاءت أنباء عن سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو سيطرة كاملة وفرار أمراء الحرب منها ، لتبشر بمرحلة جديدة تدخلها الصومال ، لكنّها لم تدم طويلاً بسبب الاحتلال الأثيوبي النصراني للصومال ودخول أراضيها في أواخر 2006م للقضاء على اتحاد المحاكم الإسلامية , مما أدى إلى اشتعال المقاومة الصومالية وظهور حركة شباب المجاهدين .
المناطق المحورية في الصومال لماذا سميت الصومال
والصومال حاليا تنقسم إلى مناطق محورية
1- صومالاند أو الصومال الشمالي: في الشمال وهي متاخمة لجيبوتي وهي منطقة آمنة مستقرة ولم تدخل في الحروب التي أنهكت الصومال طوال الواحد وعشرين سنة الماضية.
2- بونتلاند أو الصومال الشرقي: وهي مستقرة نسبيا ولها إدارة منفصلة.
لكن كلا من صومالاند و بونتلاند لم يحصل على اعتراف من قبل دول العالم، مع أن أهلها يرغبون في الانفصال لتكوين كيان مستقل يستفيد من العلاقات الدولية، ويعمل على التنمية الحضارية ولا يكون رهن منطقة مضطربة لا يلوح لها في الأفق استقرار.
3- مقديشو وهي العاصمة : وتبلغ مساحتها ما يقارب 50 كيلو مترا فيها مقر الحكومة الحالية برئاسة حسن شيخ محمود، وهذه الحكومة حكومة ضعيفة غير فاعلة أو مؤثره في الواقع ، أضف إلى ذلك مناطق سيطرة جماعة أهل السنة والجماعة (الصوفية) والتي أُنشئت لمحاربة حركة الشباب المجاهدين التى تنتمي إلى فكر السفلية الجهادية.
4- دولة جنوب غرب الصومال والتي ظهرت حديثا وعاصمتها مدينة بيدوا وهذه الدولة تهدف إلى إيجاد كيان مستقل على غرار صومالاند و بونتلاند وما زالت محاولتها جارية ، والمناطق التي تنتمي إليها هذه الدولة هي المناطق الزراعية المهمة في الصومال ومن ضمنها مدينة أفجوي الإستراتجية المعروفة بإنتاج الموز الصومالي المميز .
5- وهناك إقليمان محتلان من قبل إثيوبيا وكينيا وهم الصومال الغربي (إقليم أوغادين) وإقليم أنفدي.
([1])Ceruli ، Enrico ، Somalia: Scritti Vari Editti ed Inediti ، vol 1 ،(Roma ، 1957) ، P.111; Touval.op.cit P.9
([2]) شهاب الدين أحمد بن عبد القادر بن سالم بن عثمان الجيزاني الشهير بعرب فقيه، تحفة الزمان أو” فتوح الحبشة “، (القاهرة 1974م)، أنظر على سبيل المثال ص ص7، 9، 10، 11، 13، 16، 22، 23، 32، 35
(1) Cabdalla Cumar Mansuur Taariikhda iyo luqadda bulshada Soomaaliyeed, 129- 133
(2) د. سعيد شخير سوادي، إقليم الصومال الغربي (أوغادين) ص 6
(1) ابن بطوطة، الرحلة ص 152
(1) د. عبد محمود محمد ، ماذا تعرف عما يجري في الصومال ص 117 ، 120
لماذا سميت الصومال بهذا الاسم سميت الصومال لأنها بلد كرم وسخاء